قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمهُ الله تعالى: هذا الكتاب ثاني كتاب صُنِّفَ في صحيح الحديث، ووُسم به، ووضع له خاصةً، سَبَقَ البخاري إلى ذلك، وصلَّى (?) مسلم، ثم لم يلحقهما لاحق، وكتاباهما أصح ما صنفه المصنفون، والبخاري وكتابه أعلى حالا في الصحيح وانتقاده أخر جمه (?) وكان مسلم مع حِذْقه، ومشاركته له في كثير من شيوخه أحد المستفيدين منه، والمقِرِّين له بالأُستاذية. رَوَينا عن مسلم رحمهُ الله تعالى قال: صَنَّفتُ هذا "المسند الصحيح" من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. وبلغنا عن مكي بن عَبْدان، وهو أحد حفاظ نيسابور، قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لو أن أهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديثَ، فمدارهم على هذا المسند -يعني مسنده الصحيح-. قال: وسمعت مسلما يقول: عَرَضتُ كتابي هذا المسند على أبي زرعة الرازي، فكلُّ ما أشار أن له عِلّةً تركته، وكل ما قال: إنه صحيح، وليس له علة أخرجته. وورد عن مسلم أنه قال: ما وضعت شيئا في هذا المسند إلا بحجة، وما أسقطت منه شيئا إلا بحجة. قال أبو عمرو: أخبرني الشيخ المسنِدُ أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي بن المقرىء بقراءتي عليه، بِشَاذْيَاخ نيسابور، عن أبي منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني، قال: أخبرنا الحافَظ أبو بكر أحمد بن