قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأمر كما قال السنديّ، فالوجه الأول -وهو تعلّقه بـ "ذكرت" هو الأولى. والله تعالى أعلم.
و"التوفيق": مصدر وَفَّق يوفّق، وهو الإلهام، يقال: وَفَّقَهُ الله -صلى الله عليه وسلم- للخير: إذا ألهمه. أفاده في "اللسان". وضدّ التوفيق الخذلان، قال بعضهم: التحقيق أن التوفيق التمكين من الطاعة، والإقدار عليها، والخذلان التمكين من المعصية، والإقدار عليها، كما أن الهداية الموصلة هي خلق الاهتداء، والإضلال خلق الضلال. انتهى (?).
وجملة "يرحمك الله الخ" معترضة بين اسم "إنّ" وخبرها، وهو قوله (ذَكَرْتَ أَنَّكَ) بفتح الهمزة؛ لوقوعها في موضع المفرد، وهو المفعول به، كما قال في "الخلاصة":
وَهَمْزَ "إِنَّ" افْتَحْ لِسَدِّ مَصْدَرِ ... مَسَدَّهَا وَفِي سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ
(هَمَمْتَ) أي قصدتَ، يقال: هَمَمْتُ بالشيء هَمًّا، من باب قتل: إذا أردته، ولم تفعله، وأهمّني الأمر بالألف: إذا أقلقك، وهمّني همًّا، من باب قتل مثله. أفاده في "المصباح" (بِالْفَحْصِ) -بفتح الفاء، وسكون الحاء المهملة- أي شدّة الطلب والبحث.
قال الليث وغيره، من أهل اللغة: "الفحصُ": شدّة الطلب، والبحث عن الشيء، يقال: فَحَصتُ عن الشيء، وتفحّصتُ، وافتحصتُ بمعنى واحد. ذكره النوويّ (?).
وقال في "المصباح": فَحَصَتِ القَطاةُ فَحْصًا، من باب نفعَ: حَفَرَتْ في الأرض موضعًا، تَبيض فيه، واسم ذلك الموضع "مَفْحَصٌ" -بفتح الميم، والحاء- ومنه قيل: فَحَصْتُ عن الشيء: إذا استقصيت في البحث عنه، وتَفَحَّصْتُ مثله انتهى (?).
(عَنْ تَعَرُّفِ جُمْلَةِ الأَخْبَارِ) أي عن تطلُّب معرفة مجموعة من الأحاديث النبويّة.
قال في "اللسان": وتعرَّفتُ ما عند فلان: أي تطلّبتُ حتى أعرفَهُ. وتعرّفَهُ المكانَ، وفيه: تأمَّله به، وأنشد سيبويه [من الطويل]:
وَقَالُوا تَعَرَّفْهَا الْمَنَازِلَ مِنْ مِنًى ... وَمَا كُلُّ مَنْ وَافَى مِنًى أَنَا عَارِفُ (?)
وإنما عبّر بالتعرّف الذي فيه معنى التكلّف إشارةً إلى أن معرفة الأحاديث ليس أمرًا سهلًا، بل يحتاج إلى شدّة الإقبال بالاجتهاد، والتفرّغ له بترك الأشغال، والدوام عليه بالحفظ والمذاكرة، ومجالسة أهله المختصّين به، والْجُثُوّ على الرُّكب بين أيديهم.
والجارّ والمجرور متعلّق بـ "الفحص"، وإضافة "تعرّف" إلى "جملة" من إضافة