وقد استدلّ بعضهم على كونه مشتقّا بقوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3]، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)} [الزخرف: 84]، ونَقَل سيبويه، عن الخليل أن أصله "إلاه" مثلُ فِعَالٍ، فأدخلت الألف واللام بدلًا من الهمزة، قال سيبويه: مثلُ ناسٍ، أصله أُناسٌ. وقيل: أصل الكلمة "لاهٌ"، فدخلت الألف واللام للتعظيم، وهذا اختيار سيبويه، قال الشاعر [من البسيط]:

لَاهِ ابْنُ عَمِّكَ لا أُفْضِلْتَ فِي حَسَبٍ ... عَنِّي وَلَا أَنْتَ دَيَّانِي فَتَخْزُونِي

بالخاء المعجمة: أي فتسوسُني.

وقال الكسائيّ، والفرّاء: أصله "الإله"، حذفوا الهمزة، وأدغموا اللام الأولى في الثانية، كما قال: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38]، أي لكن أنا. وقد قرأها كذلك الحسن.

ثم قيل: هو مشتقّ من وَلِهَ: إذا تحيّر، والْوَلَه: ذهاب العقل، يقال: رجلٌ والهٌ، وامرأةٌ وَلْهَى، ووالهةٌ، وماء موله: إذا أرسل في الصحاري، فالله تعالى تتحيّر الألباب، وتذهب في حقائق صفاته، والْفِكَرُ في معرفته، فعلى هذا أصل "إلاهٍ" "وِلَاهٌ"، وأن الهمزة مبدلةٌ من واوٍ، كما أُبدلت في إِشَاحٍ، ووِشَاحٍ، وإسادةٍ، ووِسَادَةٍ.

وروي عن الضحّاك أنه قال: إنما سمّي الله إلهًا لأن الخلق يتألّهون إليه في حوائجهم، ويتضرّعون إليه عند شدائدهم. وذُكر عن الخليل بن أحمد أنه قال: لأن الخلق يَأْلَهون إليه -بفتح اللام، وكسرها- لغتان.

وقيل: إنه مشتقّ من الارتفاع، فكانت العرب تقول لكلّ شيء مرتفع: لاهًا. وقيل: مشتقّ من أله الرجل: إذا تعبّد، وتألّه: إذا تنسّك. وقرأ ابن عبّاس -رضي الله عنهم-: "ويذرك، وإلاهتك"، وأصل ذلك "الإله"، فحذفت الهمزة التي هي فاء الكلمة، فالتقت اللام التي هي عينها مع اللام الزائدة في أولها للتعريف، فأدغمت إحداهما في الأخرى، فصارتا في اللفظ لامًا واحدةً مشدّدة، وفخّمت تعظيمًا، فقيل: الله انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى (?).

ورجّح العلّامة ابن القيّم رحمه الله القول باشتقاقه، فقال: الصحيح أنه مشتقّ، وأن أصله "الإله"، كما هو قول سيبويه، وجمهور أصحابه إلا من شذّ، وهو الجامع لمعاني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015