بتقديم الباء على اللام: إذا قال: أطال الله بقاءك سبق قلم، والقياس طلبق. والنحت مع كثرته عن العرب غير قياسيّ، كما صرّح به الشمنيّ، ونقل عن "فقه اللغة" لابن فارس قياسيّته.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي هذا الأخير أولى؛ إذ ليس هناك دليل على كون الاستعمال قياسيا إلا كثرته، كما يظهر لمن تتبّع قواعدهم. والله تعالى أعلم. ومن المسموع: "سمعل": إذا قال: "السلام عليكم"، و"حوقل" -بتقديم القاف-: إذا قال: "لا حول ولا قوّة إلا بالله"، وقيل: بتقديم اللام، وهَلّل تهليلًا، وهَيلَلَ هَيْلَلة، إذا قال: لا إله إلا الله، وياء هيلل للإلحاق بدحرج، وسَبْحَل، إذا قال: سبحان الله، وحَمْدَل، إذا قال: الحمد للَّه، وحَيْصَل، إذا قال: حيّ على الصلاة، وحَيْفَلَ، إذا قال: حيّ على الفلاح، وجَعْفَلَ، إذا قال: جُعِلْتُ فداءك، وطَلْبَقَ، إذا قال: أطال الله بقاءك، ودَمْعَزَ، إذا قال: أدام الله عزّك.
ومنه في القرآن: {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)} [الانفطار: 4]، قال الزمخشريّ: هو منحوت من بُعِث، وأُثير، أي بُعِث موتاها، وأُثير ترابها.
ومن المولّد الْفَذْلَكَة، من قولهم: فذلك العدَدُ كذا وكذا، والْبَلْكَفَةُ التي أخذها الزمخشريّ من قول أهل السنّة: إن الله تعالى يُرَى بلا كيف، ورَدَّ عليهم بناءً على زعمه الفاسد بقوله [من الكامل]:
قَدْ شَبَّهُوهُ بِخَلْقِهِ فَتَخَوَّفُوا ... شَنْعَ الْوَرَى فَتَسَتَّرُوا بِالْبَلْكَفَهْ
قيل: ومن المولّد: بسمل؛ لأنه لم يُسمع من فُصحاء العرب، قال الشهاب الْخَفَاجيّ: والمشهور خلافه، وقد أثبتها كثير من أهل اللغة، كابن السِّكِّيت، والْمُطَرِّزِيّ، ووردت في قول عمر بن أبي ربيعة [من الطويل]:
لَقَدْ بَسْمَلَتْ لَيْلَى غَدَاةَ لَقِيتُهَا ... فَيَا حَبَّذَا ذَاكَ الْحَدِيثُ الْمُبَسْمَلُ
وقد استعمل كثير -لا سيّما الأعاجم- النحتَ في الخطّ فقط، والنطقُ على أصله، ككتابة "حينئذ" حاء مفردةً، و"رحمه الله" "رح"، و"ممنوع" "مم"، و"إلى آخره" "الخ"، وتارة "اه"، و"صلى الله عليه وسلم" "صلعم"، و"عليه السلام" "عم"، إلى غير ذلك، لكن الأولى ترك نحو الأخيرين، وإن أكثرت منه الأعاجم (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.