قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في سند حديث كعب بن مالك المذكور عبد الله ابن يزيد الدمشقيّ ضعيف، وصدقة بن عبد الله السمين الدمشقيّ ضعيف أيضًا. والله تعالى أعلم.
وقال الحافظ رحمهُ الله تعالى في "الفتح": عند تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} الآية [آل عمران: 64] في الكلام على حديث هِرَقْل، عند قوله: "فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم": ما نصّه: قال النوويّ: فيه استحباب تصدير الكتاب بـ"بسم الله الرحمن الرحيم"، وإن كان المبعوث إليه كافرًا، ويُحمل قولُه في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "كلّ أمر، ذي بال، لا يبدأ فيه بحمد الله، فهو أقطع"، أي بذكر الله، كما جاء في رواية أخرى، فإنه روي على أوجه: "بذكر الله"، "ببسم الله الرحمن الرحيم"، "بحمد الله". وهذا الكتاب كان ذا بال، من المهمّات العظام، ولم يُبدأ فيه، بلفظ الحمد، بل بالبسملة انتهى.
قال الحافظ: والحديث الذي أشار إليه أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، وصححه ابن حبّان أيضًا، وفي إسناده مقال، وعلى تقدير صحّته، فالرواية المشهورة فيه بلفظ: "حمد الله"، وما عدا ذلك من الألفاظ التي ذكرها النوويّ وردت في بعض طرق الحديث بأسانيد واهية انتهى كلام الحافظ رحمه اللهُ تعالى (?).
وقال العلاّمة، محدث العصر، الشيخ ناصر الألبانيّ -رحمه الله تعالى- في أول كتابه "إرواء الغليل": ما نصّه:
حديث "كلّ أمر، ذي بال، لا يُبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم، فهو أبتر". رواه الخطيب، وعبد القادر الرُّهاويّ ص 5 ضعيف جدًّا، وقد رواه السبكيّ في "طبقات الشافعيّة الكبرى" -1/ 6 - من طريق الحافظ الرُّهاويّ بسنده، عن أحمد بن محمد بن عمران، حدثنا محمد بن صالح البصريّ -بها- حدّثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك، حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكيّ، حدثنا مبشّر بن إسماعيل، عن الأوزاعيّ، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا به، إلا أنه قال: "فهو أقطع". وهذا سندٌ ضعيف جدًّا، آفته ابن عمران هذا، ويُعرف بابن الجنديّ، ترجمه الخطيب في "تاريخه"، وقال - 5/ 77 - : كان يُضعّف في روايته، ويُطعن في مذهبه -يعني التشيّع- قال الأزهريّ: ليس بشيء. وقال الحافظ في "اللسان": وأورد ابن الجوزيّ في "الموضوعات" في فضل عليّ -رضي الله عنه- حديثًا بسند رجاله ثقات، إلا الجنديّ، فقال: هذا موضوعٌ، ولا يَتَعَدَّى الجنديّ.