قلت: وهذا أيضًا يدل على سماعه منها، والله عز وجل أعلم اهـ.
(60) - وقال شيخنا وفقه الله: حديث أخرجه مسلم رحمه الله في "الذبائح" (?) منفردا به من حديث شعبة، عن أبي إسحاق، وهو السبيعي قال: قال البراء: أصبنا يوم خيبر حمرا، فنادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أن اكفؤوا القدور"، قال أبو مسعود الدمشقي الحافظ رحمه الله: لهذا الحديث تعليل في مسند الحسن بن سفيان، وهو أنه مرسل.
قلت: يعني أن أبا إسحاق لم يسمعه من البراء -رضي الله عنه- ولذلك قال فيه: قال البراء، فإن ثبت إرساله من هذا الوجه، فإنه متصل في كتاب مسلم رحمه الله، من رواية الشعبي وغيره، عن البراء بنحوه، وبالله التوفيق.
(61) - حديث أورده مسلم في "مقدمة كتابه" تعليقا بغير إسناد، فقال فيه: ويُذكر عن عائشة -رضي الله عنها-، أنها قالت: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم". وهذا الحديث رواه أبو هشام الرفاعي وغيره، من الثقات، عن يحيى بن يمان، عن الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، عن عائشة -رضي الله عنها-. وأخرجه أبو داود في "سننه" من هذا الوجه، وإسناده جيد، إلا أنه معلول، فإن ميمون بن أبي شبيب لم يسمع من عائشة -رضي الله عنها-، قاله غير واحد من العلماء، وقد نبه أبو داود على هذه العلة، عقيب هذا الحديث، ولذلك لم يذكر له مسلم إسنادا، فيما أُرَى، وإن كان رجال إسناده كلهم من شرط كتابه، وإنما أورده على وجه التعليق، والله عز وجل أعلم.
(62) - حديث وقع في أثنائه ألفاظ في اتصالها نظر، أخرجه مسلم في "كتاب الإيمان" من حديث ابن شهاب، عن أنس بن مالك، عن أبي ذر -رضي الله عنهم-، في المعراج، وفيه: قال ابن شهاب: وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس، وأبا حبّة الأنصاريّ كانا يقولان: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عُرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صَريف الأقلام".
وابن حزم هذا هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاريّ المدنيّ قاضيها، يقال: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد، ويقال: اسمه كنيته، ولا نعلم له سماعًا من أحد من الصحابة -رضي الله عنهم-، وإنما يروي عن أبيه، وعمر بن عبد العزيز، وعمرة بنت عبد الرحمن، وغيرهم من التابعين، وإن كان أبوه قد وُلد في آخر حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنة تسع من الهجرة، وقيل: سنة عشر، لكنه معدود في التابعين.