العالمين، وصلواته على سيدنا محمد نبيه المصطفى، وعلى آله وعترته وأصحابه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

(59) - ومما ألحقه سيدنا الحافظ، رشيد الدين، أثابه الله الجنة في أول الكتاب، وفي آخره ما يأتي ذكره، قال: حديث أخرجه مسلم رَحمهُ الله في "المناسك" من رواية ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: حِضتُ بسَرِفَ، فطهرت بعرفة، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يجزىء عنك طوافك بالصفا والمروة، عن حجك وعمرتك".

قلت: وفي اتصال هذا الإسناد نظر، فإن جماعة من أئمة أهل النقل، أنكروا سماع مجاهد، عن عائشة، منهم شعبة، ويحيى القطان، ويحيى بن معين، وغيرهم، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: مجاهد عن عائشة مرسل.

والعذر لمسلم رَحمهُ الله ما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وهو اعتبار التعاصر، وجواز السماع، وإمكانه ما لم يقم دليل بَيِّنٌ على خلاف ذلك، ولا خلاف في إدراك مجاهد بن جبر لعائشة، ومعاصرته لها، ومع هذا فقد أخرج مسلم معنى هذا الحديث، من رواية طاوس، عن عائشة، بإسناد لا أعلم خلافا في اتصاله، وقَدَّمَه على حديث مجاهد هذا، والله عز وجل أعلم.

وقد أخرج البخاري ومسلم حديثا غير هدا لمجاهد عن عائشة، من رواية منصور، عن مجاهد، قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد، فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة، والناس يصلون الضحى ... الحديث بكماله، وفيه وسمعنا استنان عائشة، فقال عروة: ألا تسمعين يا أم المؤمنين، إلى ما يقول أبو عبد الرحمن ... الحديث اهـ.

قلت: وفي ظاهر لفظ هذا الحديث ما يدل على سماع مجاهد من عائشة، ولهذا أخرجه البخاري، ولو لم يكن عنده كذلك، لما أخرجه؛ لأنه يشترط اللقاء، وسماع الراوي ممن روى عنه مرة واحدة فصاعدا، والله أعلم.

وقد أخرج النسائي في "سننه" (?) من رواية موسى الجهني، عن مجاهد قال: أُتِي مجاهدٌ بقدَح حزرته ثمانية أرطال، فقال: حدثتني عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يغتسل بمثل هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015