العدّة، مثل محمد بن إسماعيل البخاريّ، ومسلم بن الحجاج، وأبي داود السجستانيّ، وأبي حاتم، وأبي زرعة الرازيين، ومن في طبقاتهم من المشايخ، فهم وإن كان معظم ما يروونه وجُلّه عن أصحاب الأئمة إلا أن حديثهم لا يقع كما يقع من الطريق التي قدّمنا إلى الأئمة.
فعلامة العلوّ إلى هذه الطبقة ما: أخبرنا أبو محمد عليّ بن الحسين العدل بتنّيس، قال: أنا جدّي أبو العباس محمد بن إبراهيم البغداديّ قال: أنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن الحسن الجرويّ، ثنا محمد بن إسماعيل.
وعلى هذا القياس يقع أحاديث من ذكرنا من هؤلاء المشايخ، ومن لم نذكرهم ههنا.
(الطبقة الخامسة من العلوّ): كتبٌ مصنّفةٌ لأقوام من أهل العلم، فإذا أراد اوجل أن ينظر فيها، ويرويها لا يمكنه ذلك إلا بالرواية إلى المصنّف، مثال ذلك: تصانيف أبي بكر بن أبي الدنيا، وبعده أبو سليمان الخطابيّ، وأشباههما، فيكون علوّنا إلى أبي سليمان أن نقول: أخبرنا الإمام أبو القاسم سعد بن عليّ الزنجانيّ بمكة يرحمه الله قال: أنا محمد بن جعفر المروزيّ، ثنا أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابيّ، ولا يقع بأقلّ من هذا العدد.
ثم نظرنا فإذا أجلّ شيخ روى عنه: أبو سعيد بن الأعرابيّ، وقد وقع لنا حديثه عاليًا، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحافظ الحبّال بمصر، قال: أنا أبو محمد عبد الرحمن بن النحّاس قال: أنا أبو سعيد بن الأعرابيّ، وعندنا إلى أبي سعيد بن الأعرابيّ عدّة طرق بهذه المنزلة، إلا أن هذه التصانيف لعزّتها، وكثرة المنفعة بها، وتعذّر وجودها لقدم موت المصنّف، والراوي عنه تكون عاليةً بهذه العدّة.
(واعلم): أن كلّ حديث عسُر على المحدّث، ولم يجده عاليًا، ولا بُدّ له من إيراده في تصنيف، أو احتجاج به، فمن أيّ وجه أورده فهو عالٍ لعزّته، مثاله: أن البخاريّ إمام الصنعة أدرك الإسناد، وروى عن أصحاب التابعين، مثل محمد بن عبد الله الأنصاريّ، وأبي عاصم النبيل، ومكيِّ بن إبراهيم، وعبيد الله بن موسى وغيرهم، وحدّث عن أصحاب مالك بن أنس، ولَمّا أراد إخراج حديث أبي إسحاق الفزاريّ تَعَنَّى فيه، فلم يجده إلا عن ثلاثة، عن مالك.
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد إمام جامع أصبهان، أنا أبو بكر أحمد بن موسى الحافظ، ثنا دعلج بن أحمد، ثنا محمد بن أحمد بن النضر، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا أبو إسحاق الفزاريّ، عن مالك بن أنس، قال: حدّثني ثور بن زيد، قال: حدثني سالم مولى ابن مطيع، أنه سمع أبا هريرة يقول: افتتحنا خيبر، فلم نغنم ذهبًا