بالحق لا أزيد عليهن، ولا أنقص منهنّ شيئًا، ثم ولَّى، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لئن صدق، ليَدخُلنّ الجنة".

صحيح أخرجه مسلم في "صحيحه" عن عمرو الناقد، عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن سليمان، وقال البخاريّ في "كتاب العلم": ورواه موسى وعليّ بن عبد الحميد، عن سليمان.

وأبو سلمة المكنيّ في إسنادنا هو موسى الذي ذكره البخاريّ، وهو موسى بن إسماعيل التبوذكيّ.

فهذا دليل على طلب المرء العلوّ من الإسناد، والرحلة فيه، فإن هذا الرجل المكنيّ عن اسمه في هذا الحديث هو ضمام بن ثعلبة لَمّا جاء رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخبره بما فُرِض عليهم لم يُقنعه ذلك حتى وصل إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يسمع منه، فلو كان طلب العلوّ غير مستحبّ لأنكر عليه -صلى الله عليه وسلم- سؤاله عما أخبره رسوله عنه. والله أعلم بالصواب (?).

فقد أجمع أهل النقل على طلبهم العلوّ، ومدحوه، إذ لو اقتصروا على سماعه بنزول لم يرحل أحد منهم.

ثم وجدنا الأئمة المقتدى بهم في هذا الشأن سافروا الآفاق في سماعه، ولو اقتصروا على النزول لوجد كلّ واحد منهم ببلده من يُخبره بذلك الحديث.

ولو شرعنا في ذكر مدح العلوّ، ونعت من رحل فيه، وأقاويلهم في ذلك تجاوزنا حدّ الاختصار، إلا أن المميّز يستدلّ برواياتهم على سفرهم.

وقد ذمّ قوم النزول، وأطنبوا في ذمّه كما أخبرنا أبو الفتح المطهّر بن أحمد البيّع بأصبهان، قال: أنا أحمد بن عبد الله الأصبهانيّ، قال: سمعت أبا بكر محمد بن عليّ الأصبهانيّ يقول سمعت الحسن بن حبيب بدمشق يقول: حدّثنا علان بن المغيرة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: الحديث بنزول كالقرحة في الوجه.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الجرجانيّ بها، قال: أنا حمزة بن يوسف السهميّ قال: أنا عبد الله بن عديّ قال: أنا بكر بن محمد الكاتب بمرو قال: سمعت إسماعيل بن إسحاق يقول: سمعت علي بن المدينيّ يقول: "النزول شؤم".

مسألة العلوّ والنزول في الحديث:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015