يسْقط حَقه مجَّانا لعدم رِضَاهُ، فَإِن أجَازه الْمُدعى عَلَيْهِ جَازَ وَلَزِمَه الْمَشْرُوط لالتزامه بِاخْتِيَارِهِ، وَإِن رده بَطل لَان الْمصَالح لَا ولَايَة لَهُ على الْمَطْلُوب فَلَا ينفذ عَلَيْهِ تصرفه، وَمن جعل الصُّور أَرْبعا جعل الرَّابِعَة بشقيها وَهِي التَّسْلِيم وَعَدَمه صُورَة وَاحِدَة كالزيلعي، وَبَعْضهمْ جعلهَا خَمْسَة بِاعْتِبَار التَّسْلِيم صُورَة وَعَدَمه أُخْرَى، وَهَذِه الصُّورَة الْخَامِسَة مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْجَوَازِ وَالْبُطْلَانِ.
وَوَجْهُ الْحَصْرِ كَمَا فِي الدُّرَر أَن الفصولي إمَّا أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ، فَإِمَّا أَنْ يُضِيفَ إلَى مَالِهِ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ، فَإِمَّا أَنْ يُشِيرَ إلَى نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يُشِرْ، فَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ الْعِوَضَ أَوْ لَا، فَالصُّلْحُ جَائِزٌ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَّا الاخيرة، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَضْمَنْ الْبَدَلَ وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى مَالِهِ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ إلَى الْمُدَّعِي حَيْثُ لَا يُحْكَمُ بِجَوَازِهِ، بَلْ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ إذْ لَمْ يسلم للْمُدَّعِي عوض انْتهى.
وَجعل الزَّيْلَعِيّ الصُّور أَرْبعا وَألْحق الْمشَار بالمضاف.
أَقُول: لَكِن غير الصُّورَة الْمَذْكُورَة لَا يتَوَقَّف على الاجازة، وَحِينَئِذٍ فَلَا يتَوَجَّه على الشَّارِح اعْتِرَاض تَأمل.
قَوْله: (وَلَزِمَه الْبَدَل) الْمَشْرُوط لالتزامه بِاخْتِيَارِهِ.
قَوْله: (وَإِلَّا بَطل) لَان الْمصَالح لَا ولَايَة لَهُ على الْمَطْلُوب فَلَا ينفذ عَلَيْهِ تصرفه.
قَوْله: (وَالْخلْع) أَي إِذا صدر من فُضُولِيّ عَن الْمَرْأَة بِبَدَل، فَإِن ضمنه أَو أَضَافَهُ إِلَى مَال نَفسه أَو أَشَارَ صَحَّ وَلَزِمَه وَكَانَ مُتَبَرعا، وَإِن أطلق إِن سلم صَحَّ وَإِلَّا توقف على إجازتها.
قَالَ فِي التَّبْيِين: وَجعل فِي بعض شُرُوح الْجَامِع فِي بَاب الْخلْع الالف الْمشَار إِلَيْهِ أَو العَبْد الْمشَار إِلَيْهِ مثل الالف الْمُنكر حَتَّى جعل القَوْل إِلَى الْمَرْأَة انْتهى.
قَوْله: (من الاحكام الْخَمْسَة) الَّتِي خَامِسهَا قَوْله وَإِلَّا بَطل، أَو الَّتِي خَامِسهَا قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ مَوْقُوفٌ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى هَذَا، وَيُؤَيِّدُهُ
قَوْلُ الشَّارِحِ سَابِقًا فِي الصُّورَة الرَّابِعَة.
والاولى فِي التَّعْبِير أَن يَقُول: وَالْخُلْعُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ فِي الصُّور الْخَمْسَة كالصلح، لانه لَيْسَ لنا إِلَّا حكمان، وهما الْجَوَاز فِي الصُّور الاربع، وَعَدَمه فِي الْخَامِسَة، فَتَأمل.
قَوْله: (ادّعى وقفيه أَرض) أطلق فِيهِ فَعم الوقفية من نَفسه وَغَيره.
قَوْله: (وَلَا بَيِّنَة لَهُ) مَفْهُومه أَنه: إِذا أوجد الْبَيِّنَة لَا يجوز الصُّلْح لانه لَا مصلحَة فِيهِ، وَلَا نظر لكَون الْبَيِّنَة قد ترد وَالْقَاضِي قد لَا يعدل.
قَوْله: (وطاب لَهُ) أَي للْمُدَّعِي وَلم يذكر هَل يطيب للْمُدَّعى عَلَيْهِ الارض إِذا كَانَ الْمُدَّعِي صَادِقا، وَالظَّاهِر أَنَّهَا لَا تطيب.
قَوْله: (لَو صَادِقا فِي دَعْوَاهُ) فِيهِ أَنه لَو كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ كَيْفَ يَطِيبُ لَهُ؟ وَفِي زَعْمِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ وَبَدَلُ الْوَقْفِ حَرَامٌ تَمَلُّكُهُ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ فَأَخْذُهُ مُجَرَّدُ رِشْوَةٍ لِيَكُفَّ دَعْوَاهُ فَكَانَ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ صَادِقًا.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِيَكُفَّ دَعْوَاهُ لَا لِيُبْطِلَ وَقْفِيَّتَهُ، وَعَسَى أَنْ يُوجَدَ مُدع آخر ط.
لَكِن أطلق فِي وَقْفِ الْحَامِدِيَّةِ الْجَوَابَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ، قَالَ: لِأَنَّ الْمُصَالِحَ يَأْخُذُ بَدَلَ الصُّلْحِ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ عَلَى زَعْمِهِ فَيَصِيرُ كَالْمُعَاوَضَةِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يملك الْوَقْف فَلَا يجوز لَهُ بَيْعه، فها هُنَا إنْ كَانَ الْوَقْفُ ثَابِتًا فَالِاسْتِبْدَالُ بِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِلَّا فَهَذَا يَأْخُذُ بَدَلَ الصُّلْحِ لَا عَنْ حَقٍّ ثَابِتٍ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى حَال.
كَذَا فِي جَوَاهِر الْفَتَاوَى.
اهـ.
ثمَّ نقد الحامدي مَا هُنَا، ثمَّ قَالَ فَتَأمل.
أَقُول: تأملته فَوجدت أَن الْمُعَاوضَة فِي الْوَقْف وَالْحَالة هَذِه جَائِزَة لما صَرَّحُوا بِهِ من جَوَاز