الحموية: وَكَذَا إِذا وَقع عَن مَنْفَعَة بِمَال اعْتبر بالاجارة لَان الْعبْرَة فِي الْعُقُود للمعاني، فَيشْتَرط فِيهِ الْعلم بالمدة كخدمة العَبْد وسكنى الدَّار والمسافة كركوب الدَّابَّة، بِخِلَاف صبغ الثَّوْب وَحمل الطَّعَام فَالشَّرْط بَيَان تِلْكَ الْمَنْفَعَة، وَيبْطل الصُّلْح بِمَوْت أَحدهمَا فِي الْمدَّة إِن عقده لنَفسِهِ، وَكَذَا بِفَوَات الْمحل قبل الِاسْتِيفَاء، وَلَو كَانَ بعد اسْتِيفَاء الْبَعْض بَطل فِيمَا بَقِي وَيرجع الْمُدَّعِي بِقدر مَا لم يسْتَوْف من الْمَنْفَعَة، وَلَو كَانَ الصُّلْح على خدمَة عبد فَقتل وَإِن كَانَ الْقَاتِل الْمولى بَطل، وَإِلَّا ضمن قِيمَته وَاشْترى بهَا عبدا يَخْدمه إِن شَاءَ كالموصى بخدمته، بِخِلَاف الْمَرْهُون حَيْثُ يضمن الْمولى بالاتلاف وَالْعِتْق، وَالِاعْتِبَار بالاجارة قَول مُحَمَّد.
قَالَ فِي شرح الْمُخْتَلف: وَهُوَ الاظهر، وَاعْتَمدهُ المحبوبي والنسفي، وَكَذَا بطلَان الصُّلْح بِمَوْت أَحدهمَا فِي الْمدَّة قَول مُحَمَّد.
وَقَالَ أَبُو يُوسُف: إِن مَاتَ الْمُدعى عَلَيْهِ لَا يبطل الصُّلْح، وللمدعي أَن يَسْتَوْفِي جَمِيع الْمَنْفَعَة من الْعين بعد مَوته كَمَا لَو كَانَ حَيا، وَإِن مَاتَ الْمُدَّعِي لَا يبطل
الصُّلْح أَيْضا فِي خدمَة العَبْد وسكنى الدَّار وزراعة الارض، وَتقوم وَرَثَة الْمُدَّعِي مقَامه فِي اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة، وَيبْطل الصُّلْح فِي ركُوب الدَّابَّة وَلبس الثَّوْب لانه يتَعَيَّن فِيهِ الْعَاقِد، ثمَّ إِنَّمَا يعْتَبر إِجَارَة عِنْد مُحَمَّد إِذا وَقع على خلاف جنس الْمُدعى بِهِ، فَإِن ادّعى دَارا فَصَالحه على سكناهَا شهرا فَهُوَ اسْتِيفَاء بعض حَقه لَا إِجَارَة فَتَصِح إِجَارَته للْمُدَّعى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْر.
وَصُورَة الصُّلْح عَن مَنْفَعَة بِمَال: ادّعى السُّكْنَى لدار سنة وَصِيَّة من مَالِكهَا فَأقر بِهِ وَارثه فَصَالحه على مَال.
ذكره الْحَمَوِيّ.
قَالَ بعض الْفُضَلَاء: إِنَّمَا قيد بِكَوْن الْمصَالح عَنهُ مَالا لانه لَو صَالح عَن مَنْفَعَة بِمَال كَانَ الانكار كالاقرار، فَلَو ادّعى ممرا فِي دَار ومسيلا عَلَى سَطْحٍ أَوْ شُرْبًا فِي نَهْرٍ فَأَقَرَّ أَو أنكر ثمَّ صَالحه على شئ مَعْلُوم جَازَ.
وَالظَّاهِر أَن هَذَا حكمه غير حكم الاجارة لانها لَا تجْرِي فِي هَذِه الاشياء فَكَانَ حكم الصُّلْح فِي هَذِه الصِّحَّة، وَلَعَلَّ كَلَام الشَّارِح الْآتِي فِي مَنْفَعَة غير هَذِه.
قَوْله: (فَشرط التَّوْقِيت فِيهِ) أَي فِي الصُّلْح الْوَاقِع عَن مَال بِمَنْفَعَة.
قَوْله: (إِن احْتِيجَ إِلَيْهِ) كسكنى دَار: أَي إِن كَانَت الْمَنْفَعَة تعلم بِالْوَقْتِ كَالَّذي مثل بِهِ.
قَالَ الْعَلامَة مِسْكين: وَإِنَّمَا يشْتَرط التَّوْقِيت فِي الاجير الْخَاص، حَتَّى لَو تصالحا على خدمَة عَبده أَو سُكْنى دَاره يحْتَاج إِلَى التَّوْقِيت، وَفِي الْمُشْتَرك لَا يحْتَاج إِلَيْهِ كَمَا إِذا صَالحه على صبغ ثوب أَو ركُوب دَابَّة إِلَى مَوضِع كَذَا أَو حمل طَعَام إِلَيْهِ اهـ.
قَوْله: (وَإِلَّا لَا كصبغ ثوب) أَي مِمَّا تعلم الْمَنْفَعَة فِيهِ بِالتَّسْمِيَةِ، وَكَذَا مَا تعلم الْمَنْفَعَة فِيهِ بالاشارة كنقل هَذَا الطَّعَام إِلَى كَذَا فالمدار على الْعلم بِالْمَنْفَعَةِ كَمَا يَأْتِي بَيَانه فِي كتاب الاجارة.
قَوْله: (وَيبْطل بِمَوْت أَحدهمَا) أَي إِن عقده لنَفسِهِ.
بَحر وَهَذَا عِنْد مُحَمَّد أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُف: إِن مَاتَ الْمُدعى عَلَيْهِ لَا يبطل الصُّلْح، وللمدعي أَن يَسْتَوْفِي جَمِيع الْمَنْفَعَة من الْعين بعد مَوته كَمَا قدمْنَاهُ.
فرع: إِذا أقرّ الْمُدَّعِي فِي ضمن الصُّلْح أَنه لَا حق لَهُ فِي هَذَا الشئ ثمَّ بَطل الصُّلْح يبطل إِقْرَاره الَّذِي فِي ضمنه، وَله أَن يَدعِيهِ بعد ذَلِك، وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ إِذا أقرّ عِنْد الصُّلْح بِأَن هَذَا الشئ للْمُدَّعِي ثمَّ بَطل الصُّلْح فَإِنَّهُ يرد ذَلِك الشئ إِلَى الْمُدَّعِي انْتهى.
وَقد أوضحه الْحَمَوِيّ فِي شَرحه.
قَوْله: (وبهلاك الْمحل) أَي قبل الِاسْتِيفَاء، فَلَو قبض بعضه بَطل فِيمَا بَقِي فَيرجع بِقَدرِهِ، وَمَا ذكر من الْبطلَان بِالْمَوْتِ والهلاك قَول مُحَمَّد، وَقَالَ أَبُو يُوسُف: إِن مَاتَ الْمَطْلُوب لَا يبطل الصُّلْح وَالْمُدَّعِي يَسْتَوْفِيه إِلَى
آخر مَا قدمْنَاهُ.
قَوْله: (فِي الْمدَّة) تنَازع فِيهِ موت وهلاك على أَن يكون صفة لكل مِنْهُمَا: أَي لَو هلك