وَأَقُول: وَعبارَة الزَّيْلَعِيّ: وَحكمهَا وجوب الْجَواب على الْخصم إِذا صحت، وَيَتَرَتَّب على صِحَّتهَا وجوب إِحْضَار الْخصم، والمطالبة بِالْجَوَابِ بِلَا أَو نعم، وَإِقَامَة الْبَيِّنَة أَو الْيَمين إِذا أنكر.
اهـ.
فَلَيْسَ فِي كَلَام الزَّيْلَعِيّ مَا يُفِيد أَنه جعل وجوب الْحُضُور حكما.
وَغَايَة مَا اسْتُفِيدَ من كَلَامه أَن القَاضِي لَا يحضرهُ بِمُجَرَّد طلب الْمُدَّعِي بل بعد سَمَاعه دَعْوَاهُ، فَإِن رَآهَا صَحِيحَة أحضرهُ لطلب
الْجَواب وَإِلَّا فَلَا، فَتدبر.
أَبُو السُّعُود.
قَوْله: (وسنحققه) أَي فِي شرح قَول المُصَنّف وَقضى بِنُكُولِهِ مرّة.
قَوْله: (تعلق الْبَقَاء) أَي بَقَاء عَالم الْمُكَلّفين.
قَوْله: (الْمُقدر) أَي الْمُحكم وَهُوَ نعت الْبَقَاء: أَي الَّذِي قدره الله تَعَالَى.
قَوْله: (بتعاطي الْمُعَامَلَات) أَي بِسَبَب تعَاطِي الْمُعَامَلَات، وَهُوَ مُتَعَلق بتعلق: أَي والمعاملات من نَحْو البيع والاجارة والاستئجار وَغير ذَلِك يجْرِي فِيهَا الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان والاقرار والجحود وَالتَّوْكِيل وَغير ذَلِك، فَكَانَت الدَّعْوَى مِمَّا يتقضي بَقَاءَهُ، لانه لَو أهملت لضاعت أَحْوَاله، لَان الانسان مدنِي بالطبع لَا يُمكن أَن يقوم بِجَمِيعِ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ، وَالدَّعْوَى من الْمُعَامَلَات، فَمَا كَانَ سَببا للمعاملات وَهُوَ تعلق الْبَقَاء كَانَ سَببا لَهَا.
قَوْله: (فَلَو كَانَ مَا يَدعِيهِ مَنْقُولًا) أَي مجحودا غير وَدِيعَة، أما الْمقر بِهِ لَا يلْزم إِحْضَاره لانه يَأْخُذهُ من الْمقر، وَكَذَا لَو كَانَ وَدِيعَة لَا يَصح الامر بإحضارها إِذْ الْوَاجِب فِيهَا التَّخْلِيَة لَا النَّقْل ط.
وَيرد عَلَيْهِ أَن الدَّعْوَى فِي الْعين الْوَدِيعَة إِنَّمَا تكون إِذا جَحدهَا، وَحِينَئِذٍ فَتكون مَغْصُوبَة، وَالْعين الْمَغْصُوبَة يُكَلف إحضارها.
تَأمل.
والقهستاني زَاد: وَذكر فِي الخزانة أَنهم لَو شهدُوا بشئ مغيب عَن الْمجْلس قبلت وَإِن أمكن إِحْضَاره، بِخِلَاف مَا قَالَ بعض الْجُهَّال إِنَّه لَا تقبل اهـ.
لكنه غَرِيب فَلْيتَأَمَّل، وَيَأْتِي خِلَافه.
قَوْله: (وَذكر الْمُدَّعِي أَنَّهُ فِي يَدِهِ) فَلَوْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ بِسَنَةٍ هَلْ يُقْبَلُ وَيُجْبَرُ بِإِحْضَارِهِ؟ قَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ خُرُوجُهُ مِنْ يَدِهِ فَتَبْقَى وَلَا تَزُولُ بِشَكٍّ، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ.
وَرَدَّهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ بِأَنَّ هَذَا اسْتِصْحَابٌ، وَهُوَ حُجَّةٌ فِي الدّفع لَا فِي الاثبات، وَلَا شكّ أَن مَا ذكر من قبيل الاثبات.
قَالَ صَاحب التَّوْضِيح: وَمن الْحجَج الْفَاسِدَة الِاسْتِصْحَاب، وَهُوَ حجَّة عِنْد الشَّافِعِي فِي كل مَا يثبت وجوده بِدَلِيل ثمَّ وَقع الشَّك فِي بَقَائِهِ.
وَعِنْدنَا حجَّة للدَّفْع لَا للاثبات، إِذْ الدَّلِيل الْمُوجب لَا يدل على الْبَقَاء وَهَذَا ظَاهر اهـ.
قَوْله: (بِغَيْر حق لاحْتِمَال كَونه مَرْهُونا الخ) فَإِن الشئ قد يكون فِي يَد غير الْمَالِك بِحَق كَالرَّهْنِ فِي يَد الْمُرْتَهن وَالْمَبِيع فِي يَد البَائِع لاجل قبض الثّمن.
قَالَ صدر الشَّرِيعَة: هَذِه عِلّة تَشْمَل الْعقار أَيْضا، فَمَا وَجه تَخْصِيص الْمَنْقُول بِهَذَا الحكم؟
أَقُول: دراية وَجهه مَوْقُوفَة على مقدمتين مسلمتين.
إِحْدَاهمَا: أَن دَعْوَى الاعيان لَا تصح إِلَّا على ذِي الْيَد كَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَة: إِنَّمَا ينْتَصب خصما إِذا كَانَ فِي يَده.
وَالثَّانيَِة: أَن الشُّبْهَة مُعْتَبرَة يجب دَفعهَا لَا شُبْهَة الشُّبْهَة، كَمَا قَالُوا: إِن شُبْهَة الرِّبَا مُلْحقَة بِالْحَقِيقَةِ لَا شُبْهَة الشُّبْهَة.