كأودعنيه فلَان أَو أعارنيه أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ ارْتَهَنْته أَوْ غَصَبْتُهُ مِنْهُ، أَوْ قَالَ أَخَذْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً مِنْ فلَان، وَهَذَا الْكَرم مُعَاملَة مِنْهُ.

قَالَ فِي الْبَحْر: وَاعْلَم أَن قَوْلهم إِن الدّفع بعد الحكم صَحِيح مُخَالف لما قدمْنَاهُ من أَن القَاضِي لَو قضي للْمُدَّعِي قبل الدّفع ثمَّ دفع بالايداع وَنَحْوه فَإِنَّهُ لَا يقبل إِلَّا أَن يخص من الْكُلِّي، فَافْهَم.

قَالَ السَّيِّد الْحَمَوِيّ: أَقُول يرد عَلَيْهِ مَا فِي الدُّرَر من بَاب دَعْوَى النّسَب، برهن أَنه ابْن عَمه لابيه وَأمه وَبرهن الدَّافِع أَنه ابْن عَمه لامه فَقَط أَو على إِقْرَار الْمَيِّت بِهِ كَانَ دفعا قبل الْقَضَاء لَا بعده لتأكده بِالْقضَاءِ بِخِلَاف الثَّانِي اهـ.

فَيَنْبَغِي أَن تخص هَذِه الْمَسْأَلَة عَن الْكُلية، وَحِينَئِذٍ لَا وَجه لقَوْله إِلَّا فِي الْمَسْأَلَة المخمسة اهـ.

تَأمل

قَوْله: (كَمَا سيجئ) أَي فِي فصل دفع الدَّعَاوَى من كتاب الدَّعْوَى.

حَلَبِيّ.

قَوْله: (قبل برهانه لامكان التَّوْفِيق الخ) مَشى على القَوْل بِأَن إِمْكَان التَّوْفِيق كَاف كَمَا تقدم.

مطلب: الدَّعْوَى إِذا فصلت بِوَجْه شَرْعِي لَا تنقض إِلَّا لفائدة قَالَ سَيِّدي الْوَالِد فِي تنقيحه فِي جَوَاب سُؤال الدَّعْوَى: إِذا فصلت مرّة بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيّ مستوفية

لشرائطها الشَّرْعِيَّة لَا تنقض وَلَا تُعَاد.

أَقُول: لَيْسَ هَذَا على إِطْلَاقه، بل هَذَا حَيْثُ لم يزدْ الْمُدَّعِي على مَا صدر مِنْهُ أَولا، أما لَو جَاءَ بِدفع صَحِيح أَو جَاءَ بِبَيِّنَة بعد عَجزه عَنْهَا فَإِنَّهَا تسمع دَعْوَاهُ.

مطلب: يَصح الدّفع وَدفع الدّفع وَدفعه قَالَ مَشَايِخنَا فِي كتبهمْ كالذخيرة وَغَيرهَا: كَمَا يَصح الدّفع يَصح دفع الدّفع، وَكَذَا يَصح دفع دفع الدّفع، وَمَا زَاد عَلَيْهِ يَصح وَهُوَ الْمُخْتَار، وكما يَصح قبل إِقَامَة الْبَيِّنَة يَصح بعْدهَا، وكما يَصح الدّفع قبل الحكم يَصح بعد الحكم.

وَفِي الذَّخِيرَة: برهن الْخَارِج عَن نتاج فَحكم لَهُ ثمَّ برهن ذُو الْيَد على النِّتَاج يحكم لَهُ بِهِ اهـ.

فَإِذا كَانَ هَذَا فِي بَيِّنَة مثبتة وَلها اعْتِبَار وَحكم بهَا وَسمع بعْدهَا دَعْوَى الْمَحْكُوم عَلَيْهِ وَبَطل الْقَضَاء على الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فَكيف لَا تبطل بَيِّنَة ذِي الْيَد فِيمَا ألحق بِالْملكِ الْمُطلق؟ وَإِن حكم القَاضِي لَهُ بِظَاهِر الْيَد الْمُغنيَة لَهُ عَن الْبَيِّنَة فَكيف بَيِّنَة غير مثبتة؟ لَان عَنْهَا غنى بِالْيَدِ وَلَا حَاجَة للْحكم بهَا، إِذْ الْقَضَاء للْمُدَّعى عَلَيْهِ عِنْد عدم بَيِّنَة الْخَارِج قَضَاء ترك لَا قَضَاء اسْتِحْقَاق، فَنَقُول: إِن أعَاد الْخصم الدَّعْوَى وَلَا بَيِّنَة مَعَه بِمَا يَدعِي لَا تسمع دَعْوَاهُ لانها عين الاولى حَيْثُ لم يقم بَيِّنَة وَلم يَأْتِ بِدفع شَرْعِي، وَقد منع أَولا لعدم إِقَامَتهَا فَمَا أَتَى بِهِ تكْرَار مَحْض مِنْهُ، وَقد منع بِمَا سبق فَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَا يسمع مِنْهُ إِجْمَاعًا.

وَفِي الْبَزَّازِيَّة: لَا تسمع دَعْوَاهُ بعده فِيهِ إِلَّا أَن يبرهن على إبِْطَال الْقَضَاء بِأَن ادّعى دَارا بِإِرْث وَبرهن وَقضى لَهُ ثمَّ ادّعى الْمقْضِي عَلَيْهِ الشِّرَاء من مورث الْمُدَّعِي أَو ادّعى الْخَارِج الشِّرَاء من فلَان وَبرهن الْمُدعى عَلَيْهِ على شِرَائِهِ من فلَان أَو من الْمُدَّعِي قبله (?) أَو يقْضِي عَلَيْهِ بالدابة فبرهن على نتاجها عِنْده اهـ.

وَهَذَا يُفِيد أَن قَوْلهم يَصح الدّفع بعد الحكم مُقَيّد بِمَا إِذا كَانَ فِيهِ إبِْطَال الْقَضَاء، وَيَنْبَغِي تَقْيِيده أَيْضا بِمَا إِذا لم يُمكن التَّوْفِيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015