الْمُودع كَمَا مر التَّنْبِيه عَلَيْهِ.

وَعبارَة الْقُهسْتَانِيّ: وَإِنَّمَا يرجع على الْغَاصِب إِذا لم يعلم أَنه غصب كَمَا فِي الْعمادِيَّة اهـ

قَوْله: (فَتنبه) أَشَارَ بالتنبيه إِلَى مَا حررناه قَرِيبا.

أَقُول: وَالْحَاصِل أَن الْمُودع لَو دفع الْوَدِيعَة إِلَى أَجْنَبِي بِلَا عذر فللمالك أَن يضمنهُ فَقَط لَا رُجُوع على الثَّانِي إِلَّا إِذا استهلكها.

وَعِنْدَهُمَا: لَهُ أَن يضمن أيا شَاءَ، فَإِن ضمن الثَّانِي رَجَعَ على الاول.

وَأَجْمعُوا على ذَلِك فِي الْغَاصِب مَعَ مودعه فللمالك تضمين أَي شَاءَ، لَكِن إِن ضمن الثَّانِي رَجَعَ على الاول بِمَا ضمن إِن لم يعلم أَنَّهَا غصب كَمَا فِي الْقُهسْتَانِيّ عَن الْعمادِيَّة.

قَوْله: (فنكل لَهما) أَي أنكر، وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِمَا بَيِّنَة.

وصور هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ: أَقَرَّ لَهُمَا نَكَلَ لَهُمَا حَلَفَ لَهُمَا أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا وَنَكَلَ لِلْآخَرِ أَوْ حلف نكل لاحدهما وَحلف للْآخر.

وَاعْلَم أَنه إِذا حلف لاحدهما لم يقْض لَهُ حَتَّى يحلفهُ الثَّانِي لينكشف وَجه الْقَضَاء، بِخِلَاف مَا لَو أقرّ لاحدهما ليحكم لَهُ إِذا الاقرار حجَّة بِنَفسِهِ والنكول حجَّة بِالْقضَاءِ، وَلذَا لَو نكل فَحلف برِئ.

مقدسي.

وَفِيه: وَلَو قَالَ أودعنيها أَحَدكُمَا فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاع إِن اصطلحا وَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَان وَلَا استحلاف، فَإِن لم يصطلحا فَلِكُل أَن يسْتَحْلف كَمَا تقدم، وَتَمام تفصيلها فِي الزَّيْلَعِيّ.

قَوْله: (فَهُوَ لَهما) لعدم الاولوية وَعَلِيهِ ألف آخر لاقراره بِهِ أَو لبذله إِيَّاه على اخْتِلَاف الاصلين ولايهما بَدَأَ القَاضِي بالتحليف جَازَ لتعذر الْجمع بَينهمَا أَو عدم الاولوية.

والاولى عِنْد التشاحن أَن يقرع بَينهمَا تطييبا لقلوبهما ونفيا لتهمة الْميل، فَإِن نكل للاول لَا يقْضى بِهِ لينكشف وَجه الْقَضَاء هَل هُوَ لَهما أَو لاحدهما، وَلَا ضَرَر عَلَيْهِ فِي التَّأْخِير لانه لَا يقْضِي للمتقدم حَتَّى يحلف للمتأخر.

قَوْله: (وَلَو حلف لاحدهما) فِي التَّحْلِيفِ لِلثَّانِي يَقُولُ بِاَللَّهِ مَا هَذِهِ الْعين لَهُ وَلَا قيمتهَا لانه لَو أقرّ بهَا للاول ثَبت الْحق فِيهَا فَلَا يُفِيد إِقْرَاره بهَا لِلثَّانِي، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لَكَانَ صَادِقًا.

بَحر.

قَوْله: (فالالف لمن نكل لَهُ) دون الآخر لوُجُود الْحجَّة فِي حَقه دونه، وَلَو حلف لَهما فَلَا شئ لَهما لعدم الْحجَّة.

زَيْلَعِيّ.

قَوْله: (دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا وَقَالَ ادْفَعْهَا الْيَوْمَ الخ) أَقُول: ذكر فِي الْخَانِية قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَة: إِذا كَانَ بعد الطّلب قَالَ مُودع قَالَ لَهُ رب الْوَدِيعَة إِذا جَاءَ أخي فَرد عَلَيْهِ الْوَدِيعَة فَلَمَّا طلب أَخُوهُ مِنْهُ قَالَ لَهُ الْمُودع بعد سَاعَة أدفعها إِلَيْك فَلَمَّا عَاد إِلَيْهِ قَالَ لَهُ هَلَكت لَا يصدق لانه متناقض وَيكون ضَامِنا.

وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إِذا طلب الْمُودع وَقَالَ اطلبها غَدا فأعيد الطّلب فِي

الْغَد فَقَالَ قد ضَاعَت، رُوِيَ عَن أَصْحَابنَا أَنه يسْأَل الْمُودع مَتى ضَاعَت، إِن قَالَ ضَاعَت بعد إقراري لَا يضمن، وَإِن قَالَ كَانَت ضائعة وَقت إقراري لَا يقبل قَوْله لانه متناقض وَيكون ضَامِنا، لَان قَوْله اطلبها غَدا إِنَّمَا يكون للشئ الْقَابِل اهـ.

وَقدمنَا الْكَلَام عَلَيْهِ بأوضح من ذَلِك.

قَوْله: (فَلم يَدْفَعهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015