فما من بلدة إلا ومنهم ... عليها كل شيطان رجيم
فلو كان النجوم لهم رجوماً ... لقد خلتِ السماءُ من النجوم (?) .
وكان مضطرب الشخصية يسير مع هوى نفسه وطمعها، فلما لم يهدِ له النصارى طعاماً في عيدهم عيد المسيح هجاهم ومدح اليهود نكاية فيهم فقال:
يهود بلبيس كلَّ عيدٍ ... أفضل عندي من النصارى
أما ترى البغل وهو بغلٌ ... في فضله يفضل الحمارا (?)
فلما هدَّده النصارى تراجع ومدحهم وذم اليهود فقال:
ما للنصارى إليَّ ذنبٌ ... وإنما الذنب لليهود
وكيف تفضيلهم وفيهم ... سرُّ الخنازير والقرود (?) .
أما مدحه لسلاطين زمانه مستجدياً ما عندهم، فحدِّث ولا حرج، وديوانه مليءٌ بذلك (?) ولا تخلو كثيرٌ من قصائده من الغلو في الممدوح، وإليك نزراً يسيراً منها:
فمن ذلك قوله يمدح الوزير زين الدين الصاحبي بقوله:
أهل التقى والعلم أهل السؤددِ ... فأخو السيادة أحمد بن محمدِ
الصاحب بن الصاحب بن الصاحب الـ ... ـحبر الهمام السَّيِّدِ بن السَّيِّدِ
لا تشركن به امرأً في وصفه ... فتكون قد خالفت كلَّ موحدِ (?) .
ويقول مادحاً الصاحب بهاء الدين ويطلبه حمارةً، ويذم آخرَ مقرباً من الصاحب حسداً له:
صاحبٌ لا يزال بالجود والأفضال ... طلق اليدين حلو العبارة
كم هدانا من فضله بكتاب ... معجز من علومه بأثارة
إنما يذكر العطية من ... كا نت عطاياه تارة بعد تارة
سيدي أنت نصرتي كلما ... شن علي الزمان بالفقر غارة!
شابَ رأس وما رأست كأني ... زامر الحي أو صغير الحارة
وابن عمران وهو شرُّ متاع ... للورى في بطانة وظهارة
حسَّن القربُ منكم قبحَ ذكراه ... كتحسين المسكِ ذكر الفارة
فهو في المدح قطرةٌ من سحابي ... وهو في الهجو من زنادي شرارة