أوْ ليتني بعض الذين عرفتهم ... ممن يحصِّن دينه بغلام! (?) .
والبوصيري كان شحَّاذاً يستخدم شِعره في استجداء ما عند الناس -وهذا ليس من صنيع العلماء- فها هو يشكو للصاحب بهاء الدين علي بن محمد بن حنا حاله وكثرة عياله بقوله:
أيها الصاحب المؤمل أدعو ... كَ دعاء استغاثة واستجارة
أثقلتْ ظهري العيال وقد كنـ ... تُ زماناً بهم خفيف الكارة
ولو أني وحدي لكنت مريداً ... في رباطٍ أو عابداً في مغارة
أحسب الزهد هيِّناً وهو حربٌ ... لست فيه ولا من النَّظَّارة
لا تكلْني إلى سواكَ فأخيا ... رُ زماني لا يمنحون خيارة
ووجوهُ القصاد فيه حديد ... وقلوبُ الأجوادِ فيه حجارة
فإذا فازت كفُّ حرٍّ بِبُرٍّ ... فهو إما بنقضةٍ أو نشارة
إن بيتي يقول قد طال عهدي ... بدخول التِّلِّيس لي والشكارة
وطعامٌ قد كان يعهده النا ... سُ متاعاً لهم وللسيارة
فالكوانين ما تعابُ من البر ... دِ بطباخةٍ ولا شَكَّارة
لا بساطٍ ولا حصيرٍ بدهليـ ... ـــزٍ ولا مجلسٍ ولا طيارة (?) .
ويطلب من غيره كنافة في شهر الصوم فيقول:
ما أكلنا في ذا الصيام كنافة ... آه وا بُعدها علينا مسافة
قال قوم إنَّ العماد كريم ... قلت هذا عندي حديث خرافة
أنا ضيفٌ له وقد مت جوعاً ... ليت شعري لم لا تعد الضيافة
وهو يطعم الطعام فما يُطْـ ... ـعِمُه إلا بسمعةٍ أو مخافة (?) .
وقال يهجو أناساً سرقوا حمارته وبالغ في ذلك جداً من أجل حمارة! فقال:
أرى المستخدمين مشوا جميعاً ... على غير الصراط المستقيم
معاشر لو وُلوا جناتِ عدن ... لصارت منهمُ نار الجحيم