تلقي إليها الحواس من المعاني، وهي تطّلع عليها من حيث لا تشعر النفس بها، ولا يتفطن العبد لوجهها، وقد يشعر إذا كان مقبلاً على الحقائق وطريق تحصيلها، وعلى النظر في الأدلة وتفاصيلها، وَلَمْ تَشْغَلْهُ العوائق، ولا صرفته الخواطر، ولا شعبت عليه الأطماع، ولا جذبته علائق الآمال (?).
وكذلك خلق الله للعبد النوم، ليعلم به كيفية الانتقال من حال إلى حال، وصفة الخروج من دار إلى دار، فإنه موت أصغر، وقد يقال بنظر آخر أنه يَقَظَةٌ صغرى، فإن نظرنا إليه من حيث عدم الحركة والحس والتصرف بالأفعال معه، قلنا هو موت (?) لعدم ذلك كله به، وقد قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أخَذَ بِنَفْسِكَ" (?).
وإن نظرنا إليه من حيث إنه انقطاع عن عالم التصرف الأدنى مع الآدميين والإكباب على الدنيا ومعانيها، وأنه إقبال على الملائكة المقربين،