قال له: نعم.
فسئل عن الدليل: فاستدل بقوله سبحانه: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} [البقرة: 191]. ثم قال: قُرِىء: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ} و {لا تَقْتُلُوهم} (?)، فإن قلنا بقراءة من قرأ {ولا تَقْتُلُوهُمْ} * فهو نَص في مسألتنا، وإذا قلنا: بقراءة من قرأ: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ} * كان تنبيهاً، لأنه إذا نهى عن القتال -وهو سبب القتل- فالنهي عن المسبّب الذي هو القتل أولى.
قال له القاضي الريحاني: هذه الآية منسوخة بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5].
قال له الصَّاغاني: القاضي أجل قدراً من أن يتكلم بهذا، وكيف ينسخ الخاص العام؟ وإنما ينسخ القول القول إذا عارضه.
فبهت القاضي، وهذا ما لا جواب عنه لأحد.
وأعجب لبعض المغاربة (?) ممن قرأ الأصول يحكي عن أبي حنيفة إن العام ينسخ الخاص إذا كان متأخراً عنه، وهذا ما قال به قط، ولولا أن أبا حنيفة ناقض فقال: لا يبايع في الحرم، ولا يكلم، ولا يجالس ولا يعان بمأكل ولا بمشرب ولا بملبس حتى يخرج عنه فتؤخذ العقوبة منه، ما قام له في هذه المسألة أحد (?)، إلى مناظرات كثيرة ومسائل من التحقيق عديدة.