فيض القدير (صفحة 9770)

9694 - (لا آكل وأنا متكئ) يحتمل لا آكل مائلا إلى أحد الشقين معتمدا عليه وحده أو لا آكل وأنا متمكن من القعود أو لا آكل وأنا مسند ظهري إلى شيء ورجح العصام الثاني بأنه أقرب إلى الاستعمال العربي لقول ابن الأثير عن الخطابي: المتكىء في العربية المستوي قاعدا على وطاء متكئا والعامة لا تعرف المتكئ إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه اه وما اعتمد عليه لا يعول عليه فقد تعقبه المحقق أبو زرعة بالرد فقال: ظاهر كلامه أنه لا معنى للاتكاء إلا ما ذكره وهو مردود إلا أن يريد تفسير المتكئ في الحديث الذي ذكره دون غيره ومع ذلك فهو ممنوع فلم أجد في الكتب المشهورة في اللغة تفسير الاتكاء بالمعنى الذي ذكره أصلا وإنما فسروه بالميل إلى أحد الشفين كما في هذا الحديث اه فاستبان بذلك أن الاتكاء المكروه عند الأكل إنما هو الميل إلى أحد الشقين والاعتماد عليه لا الاتكاء على وطاء تحته مع الاستواء فقول الشهاب الهيثمي: الاتكاء هنا لا ينحصر في المائل يشمل الأمرين فيكره كل منهما غير معمول به لأنه إنما اعتمد فيه على ابن الأثير غافلا عن كونه متعقبا بالرد من هذا الإمام المحدث الفقيه المرجوع إليه في هذا الشأن والكراهة حكم شرعي لا يصار إلى إثباتها في مذهب الشافعي بكلام مثل ابن الأثير فتدبر وحكمة كراهة الأكل متكئا أنه فعل المتكبرين المكثرين من الأكل بنهمة وشره المشغوفين من الاستكثار من الطعام فالسنة في الأكل كما قال القسطلاني: أن يقعد مائلا إلى الطعام منحنيا عليه وقال الحافظ ابن حجر: يجلس على ركبتيه وظهور قدميه أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى اه والكراهة مع الاضطجاع أشد منها مع الاتكاء نعم لا بأس بأكل ما يتنفل به مضطجعا لما ورد عن علي كرم الله وجهه أنه أكل كعكا على برش وهو مضطجع على بطنه قال حجة الإسلام: والعرب قد تفعله وقاعدا أفضل ولا يكره قائما بلا حاجة واعلم أن الاتكاء أربعة أنواع: الأول أن يضع يده على الأرض مثلا الثاني أن يتربع الثالث أن يضع يده على الأرض ويعتمدها الرابع أن يسند ظهره وكلها مذمومة حال الأكل لكن الثاني -[380]- لا ينتهي إلى الكراهة وكذا الرابع فيما يظهر بل هما خلاف الأولى

(حم خ د هـ عن أبي جحيفة) بالتصغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015