فيض القدير (صفحة 5)

قال الصفوي: وما ذكره من أن الشخص لا يكذب نفسه إنما يجيء في نحو حمدت وأحمد لا أنت محمود أو لك الحمد ونحوه مما لم يتضمن دعوى اعتقاد المتكلم. ثم إن الإشكال من أصله إنما يتجه إذا لم يلاحظ معنى اللامين فإن لوحظ اختصاص الجنس أو الأفراد أو الفرد الكامل أو الأكمل فدلالته على الكمال التام في كمال التمام. وقد أتينا على بيان أركان الحمد الخمسة على جهة الاقتصار والاختصار ولم يبق إلا التتميم بإيراد ما اشتهر من أن الجملة خبرية أو إنشائية وجوزهما الشريف فقال: إخبار كما هو أصله إو إنشاء وذلك لأن الخبر بثبوت الحمد يستلزم الوصف بالجميل فإذا تحقق باقي الأركان فهو حمد وكلامه مشير إلى ترجيح مطلق الخبرية بالأصالة وجرى عليه جمع منهم المولى حسن الرومي حيث قال ما محصوله: وإنما ترجح الإخبار بالأصالة مع أن قصد القائل إحداث الحمد لأن الإخبار بثبوت جميع المحامد لله هو عين الحمد كما أن قولك الله واحد عين التوحيد انتهى. وقد ألف العلامة البخاري في الانتصار لكونها خبرية مطلقا مؤلفا حافلا. ووهم من زعم أنها إنشائية فقال: الحق الذي لا محيد عنه أنها خبرية مطلقا وما يسبق إلى بعض الأوهام من أنها إنشائية فعلى نقيض ما تقتضيه صناعة العربية وخلاف ما عليه أساطين الفنون الأدبية واستظهر على ذلك بأمور يطول ذكرها. ورده الكمال ابن الهمام فقال: بالغ بعضهم في انكار كون الحمد لله إنشاء لما يلزم عليه من انتفاء الاتصاف بالجميل قبل حمد الحامد ضرورة أن الإنشاء يقارن معناه لفظه في الوجود قال: ويبطل من قضيتين إحداهما أن الحمد ثابت قطعا قبل الحامد والأخرى أنه لا يصاغ لغة للمخبر عن غيره من متعلق إخباره اسم قطعا فلا يقال لقائل زيد له القيام قائم فلو كان الحمد إخبارا محضا لم يكن القائل الحمد لله حامدا فهما باطلان فبطل ملزومهما واللازم من المقارنة أي مقارنة معنى الإنشاء لفظه انتفاء وصف الواصف المعين لا الاتصاف وهذا لأن الحمد إظهار الصفات لا ثبوتها. نعم يتراءى لزوم كون كل مخبر منشئا حيث كان واصفا للواقع ومظهرا له وهو توهم فإن الحامد مأخوذ فيه مع ذكر الواقع كونه على وجه ابتداء التعظيم وهذا ليس جزء ماهية الخبر فاختلفت الحقيقتان إلى هنا كلامه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015