فيض القدير (صفحة 4885)

4845 - (السلام تحية لملتنا) أي سبب لبقائها ودوام ملكها وحياة القلوب فيها وبقاء الألفة بين أهل الإسلام بإفشاء السلام وبذل السلامة من بعضهم لبعض على الدوام (وأمان لذمتنا) أي يشعر بأمانك لمن سلمت عليه ووفاء بعهد الإسلام وضمانه الذي عاهدت عليه وهو سلامة من يده ولسانه فكأن المسلم جدد العهد فيجب ألا يخفر لذمته بعد السلام <تنبيه> قال ابن دقيق العيد: فيظهر أن التحية بغير لفظ السلام من باب ترك المستحب لا مكروه إلا إن قصد به العدول عن السلام إلى ما هو أظهر في التعظيم من أجل أكابر أهل الدنيا وكان تحية من قبلنا السجود لمن يلقونه فحرم علينا السجود لغير الله وأعطينا مكانه السلام فهو من خصوصياتنا على ما اقتضاه هذا الخبر قال في شرح رسالة ابن أبي زيد: كان للناس في جاهليتهم ألفاظ يتلاقون بها ويتراحبون بها التماسا منهم للبقاء على أحسن الحالات والبعد عن الآفات سيما في حق من لم يتمكن من أسباب الدنيا فلا يشتهي إلا دعوة تقتضي بقاءه على حاله أو كلمة يسمعها يتفاءل بها لذلك كقول بعضهم عم صباحا عم مساء ابق ببقاء الليالي فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: " السلام تحية لملتنا " يعني به -[151]- أن الملتمس من كلمات مرت هو البقاء على صفة محبوبة مشتهاة عند الأنام وأفضل من ذلك كله الاتصاف بالسلامة المبعدة عن الظلامة ولذلك سمى الله به الجنة بقوله: {والله يدعو إلى دار السلام} وقال الإمام الرازي: عادة العرب قبل الإسلام إذا لقي بعضهم بعضا أن يقولوا حياك الله واشتقاقه من الحياة كأنه يدعو له بالحياة فلما جاء الإسلام أبدل الله ذلك بالسلام وقال الراغب: أصل التحية الدعاء بطول الحياة ثم استعملت في كل دعاء وكانت العرب إذا لقي بعضهم بعضا يقول حياك الله ثم استعملها الشرع في السلام قالوا: في السلام مزية على التحية لأنه دعاء بالسلامة من الآفات الدينية والدنيوية وهي مستلزمة بطول الحياة وليس في الدعاء بطولها ذلك

(القضاعي) في مسند الشهاب (عن أنس) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من القضاعي وهو عجب فقد خرجه الطبراني والديلمي باللفظ المزبور عن أبي أمامة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015