فيض القدير (صفحة 4408)

4373 - (رأس هذا الأمر) أي الدين أو العبادة أو الأمر الذي سأل عنه السائل (الإسلام) أي النطق بالشهادتين فهو من جميع الأعمال بمنزلة الرأس من الجسد في احتياجه إليه وعدم بقائه بدونه فلا أثر لسائر الأمور بدونه كما لا أثر لحياة الحيوان بدون رأسه ففيه استعارة بالكناية تتبعها استعارة ترشيحية (ومن أسلم سلم) في الدنيا بحقن الدم وفي الآخرة -[5]- بالفوز بالجنة إن صحبه إيمان (وعموده) الذي يقوم به ويعتمد عليه هو (الصلاة) فإنها المقيمة لشعار الدين الرافعة لمنار الإسلام كما أن العمود هو الذي يقيم البيت فهي العمل الدائم الظاهر الفارق بين المؤمن والكافر (وذروة) بضم أوله وكسره قيل: وفتحه أيضا (سنامه) ذروة كل شيء أعلاه والسنام ما ارتفع من ظهر البعير (الجهاد) فهو أعلا أنواع العبادات من حيث إن به ظهور دين المؤمنين ومن ثم كان لا يناله إلا أفضلهم دينا وليس ذلك لغيره من العبادات فهو أعلا من هذه الجهة وإن فضله غيره من جهات أخر شبه الأمر المذكور بفحل إبل وخصها لكونها خيار أموالهم وببيت قاتم على عمد ثم ذكر ما يلائم المشبه به وهو الرأس والعمود والسنام وفيه إشارة إلى صعوبة الجهاد وعلو شأنه وتفوقه على جميع الأعمال كيف وهو يتضمن بذل النفس والمال <تنبيه> قال ابن الزملكاني: قد استبان من هذا ونحوه أن العبادات والقربات فيها أفضل ومفضول وقد دل على ذلك المعقول والمنقول ومنها ما يوصل إلى المقام الأسنى لكن قد يعرض للمفضول ما يكسبه على غيره فضلا فليفصل ذلك ليتخذه أصلا فإن العبادة تفضل تارة بحسب زمانها وأخرى بحسب مكانها وطورا بحسب حال المتصف بها وآونة بمقتضى سببها ومرة تترجح لعموم الانتفاع وأخرى بوقوعها في بعض الأزمة أو البقاع كما مر في خبر أفضل الأعمال ونحوه والحاصل أن العبادة تكون فاضلة ومفضولة باعتبارين مختلفين كما يصير فرض الكفاية في بعض الأحوال فرض عين

(طب عن معاذ) بن جبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015