3577 - (جالسوا) في رواية جالس بالإفراد فيه وفيما بعده (الكبراء) الشيوخ الذين لهم التجارب وقد سكنت حدتهم وذهبت خفتهم لتتأدبوا بآدابهم وتتخلقوا بأخلاقهم أو أراد من له رتبة في الدين وإن صغر سنه وكبير الحال من جمع علم الوراثة إلى علم الدراسة وعلم الأحكام إلى علم الإلهام وقال بعضهم: مجالسة الصالحين هي الإكسير للقلوب بيقين لكن لا يشترط ظهور الأثر حالا وسيظهر بصحبتهم بعد حين وحسبك بصحبتهم إضافة التشريف والاختصاص وفي قواعد زروق: الولي إذا أراد أغنى ومنه قول الناس خاطري أن أكون على بالك لعل الله ينظر إلي فيما أنا فيه قال: وأكثرهم في البداية يسرع أثر مقاصدهم في الوجود لاشتغالهم بما يعرض بخلافه في النهاية لاشتغال قلوبهم بالله تعالى قال العارف ابن عربي: والمأمور بمجالستهم من الشيوخ هم العارفون بالكتاب والسنة القائلون بها في ظواهرهم المتحققون بها في بواطنهم يراعون حدود الله ويوفون بعهده ويقومون بمراسم الشريعة وهم الذين إذا رؤوا ذكر الله أما من ليس لهم في الظاهر ذلك التحفظ فنسلم لهم أحوالهم ولا يصحبون ولو ظهر عليهم من خرق العوائد ما عسى أن يظهر فلا يعول عليه مع سوء أدبه مع الشرع وهل للمريد أن يجالس غير شيخه فيه خلاف قال بعضهم: نعم إذا ظهر للمريد أن الشيخ الآخر ممن يقتدى به فله ذلك وقال آخرون: لا كما لا يكون المكلف بين رسولين مختلفي الشرائع والمرأة بين زوجين وهذا إذا كان مريد تربية فإن كان يريد صحبة البركة فلا مانع من الجمع لأنه ليس تحت حكمهم لكن لا يجيء منه رجل في الطريق اه. وقال رجل للعارف ياقوت العرش: ما بال سوس الفول يخرج صحيحا إذا دش وسوس القمح يخرج ميتا مطحونا فقال: لأن الأول جالس الأكابر فحفظوه والثاني صحب الأصاغر فطحن معهم ولم يقدروا على حمايته قال العارف المرصفي: وإذا كان من يجالس أكابر الأولياء يحفظ من الآفات فكيف من يجالس رب الأرض والسماوات <تنبيه> قال بعض الصوفية: ينبغي لمن يخدم كبيرا كاملا ثم فقده أن لا يصحب إلا من هو أكمل منه وإلا جعل صحبته مع الله قال رجل للعارف التستري: أريد أصحبك قال: إذا مات أحدنا من يصحبه الثاني قال: -[344]- الله تعالى قال: اصحبه الآن وجاء إليه رجل يبكي فقال: ما يبكيك قال: مات أستاذي قال: ما لك اتخذت أستاذا يموت (وسائلوا العلماء) العاملين عما يعرض لكم من الأحكام ومن كان بالصفة المقررة فهو من كبراء زمانه وعلماء أوانه فيجب أن يجالس بالتوقير والإحترام ويسائل بالتبجيل والإعظام وذم الجوارح ومراقبة الخواطر (وخالطوا) في رواية خاللوا (الحكماء) أي اختلطوا بهم في كل وقت فإنهم المصيبون في أقوالهم المتقنون لأفعالهم المحافظون في أحوالهم ففي مداخلتهم تهذيب للأخلاق وفي النص على مسائلة العلماء تنبيه على إيجاب تقديم العلم على العمل ولم يوقت إيذانا بملازمة السؤال إلى الترحال من دار الزوال فكأنه قال كن متعلما أبدا وإذا أطلق العلماء فالمراد العارفون بالحلال والحرام وغيرهم يعرفه أو يضاف كعلم الكلام فكأنه حث على تعلم الفقه لعموم البلوى ومس الحاجة <تنبيه> قال الراغب: قال بعض الحكماء: مجالسة العلماء ترغبك في الثواب ومجالسة الحكماء تقربك من الحمد وتبعدك عن الذم ومجالسة الكبراء تزهدك فيما عدا فضل الله الباري تعالى وقال بعضهم: إذا جالست أهل الدنيا فحاضرهم برفع الهمة عما بأيديهم مع تحقيرها وتعظيم الآخرة أو أهل الآخرة فحاضرهم بوعظ الكتاب والسنة وتعظيم دار البقاء وتحقير دار الفناء أو الملوك فبسيرة أهل العدل مع حفظ الأدب والعفاف أو العلماء فبالروايات الصحيحة والأقوال المشهورة مع الإنصاف وعدم الجدال المظهر حب العلو عليهم أو الصوفية فيما يشهد لأحوالهم ويقيم حجتهم على المنكر عليهم مع أدب الباطن قبل الظاهر والعارفين فيما شئت فإن لكل شيء عندهم وجه من وجوه المعرفة بشرط عدم المزج وحفظ الأسرار سيما من الأشرار. (تتمة) من أمثالهم طأ أعتاب العالمين تطأ رقاب العالمين
(طب عن ابن جحيفة) بالتصغير قال الهيثمي: رواه الطبراني من طريقين أحدهما هذه والأخرى موقوفة وفيه عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي ضعفه أبو زرعة والدارقطني وساق له مناكير هذا منها