أقول في رفع اليدين: إنه وإن كان شيئًا وجوديًا، ونَقَلُوا في فضائلِهِ أشياء، إلا أنه يمكن أن يترجَّح تركه كترك التَّرْجِيع، فلا يُقَال: إن تركَ الرفع كيف يكون راجحًا مع كونه ترك عبادة؟ والسرُّ فيه: أن الفَضْلَ إنما هو فيما استمرَّ عليه عملُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أو انتهى إليه سواء كان وُجُوديًا أو عدميًا، فإن الانتهاءَ عند النهيِ عبادةٌ كالائتمار عند الأمر، مع أنه وَرَدَ عن أبي مَحْذُورة التركُ أيضًا، والكلامُ فيه مُطْنَبٌ، تركناه لانجلاء ترجيح الترك عند المصنِّف (?).
وأما صفته: فسُنَّ الوقف فيه على كلمة كلمة، غير أن التكبيرَ مرتين بمنزلة كلمةٍ واحدةٍ. والمراد من الوقف: هو الاصطلاحي، والمأثور (?) في كلماته سكون أواخرها. وعن المُبَرَّد: الله أكبر - بفتح الراء أيضًا - ولا تُسَاعِدُه الرواية.
ثم هذا الوقف تَرَسُّل، أي أداء كل كلمةٍ في نَفَسٍ غير التكبير هو سنةُ الأذان، فلو حَدَرَ فيه وجمع بين كلمتي الأذان، اختلف فيه المشائخ: وفي «قاضيخان»: أنه يعيده، وهو المختار عندي. وفي عامة كُتُبنا عدم الإِعادة، ثم إن محمدًا رحمه الله تعالى كَشَفَ عن معنى الترسُّل حين ناظر أهل المدينة في تثنية التكبير، فقال: إن المراد بها التثنية في النَّفَس دون الكلمات. والحَدْرُ: أن يَجْمَعَ بين الكلمتين في نَفَسٍ، فَيَجْمَعُ التكبير أربع مراتٍ في نَفَسٍ، ثم صَرَّح أن خلافَه خلافُ السُّنة.
قلت: وبه يُشْرَحُ قوله صلى الله عليه وسلّم «وأن يُوتِرَ الإِقامة»، أي الإيتار في النَّفَسِ والصوتِ، لا في الكلمات، إلا أنه يَخْدِشُهُ الاستثناء إلا الإِقامةَ، كما في بعض الروايات. وحينئذٍ يَلْزَمُ أن تكونَ السُّنةُ في لفظ: «قد قامت الصلاة»: أن يتلفَّظَ به في نَفَسَيْن، وليس كذلك، ولم يتوجَّه إلى جوابه أحدٌ.
قلت: والجواب عندي: أنه ليس باستثناء مما يُفْهَمُ من الظاهر، بل هو استثناء من مفهوم