قال: أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ فاستعمال هذا اللفظ ليس لهوانه، وخفته، بل لعظمه عند الشرع، فهو لأجل انكشاف الحال، لا كما فهمه. ولذا عدل القرآن في المباهلة عن لفظ اللعان، وإن فسروها باللعان، لكن المباهلة في الأصل هو الدعاء.

قوله: (ففارقها) وقد تخبط الراوي فيه. وما بعده يدل على أن المراد به سنة التفريق، كما قال، فكانت سنة أن يفرق بين المتلاعنين.

قوله: (فأنكر حملها) ولا لعان عندنا بنفي الحمل (?)، لعدم تقرر سببه، فإن الحمل وجوده وعدمه لا يتحقق قبل الوضع، فلعله يكون انتفاخًا، أو داء آخر، فإن اضطر الزوج إلى اللعان، عليه أن يمسك عنه حتى تضع حملها، وقد تكلم ابن الهمام (?) عن المذهب في "الفتح" ونقل عن أحمد أن تلك المرأة كانت وضعت حملها، والرواة فيه مضطربون، فذكر بعضهم اللعان، حال الحمل، وبعضهم بعد وضعه، وإذن في قوله: فأنكر بحملها، تسامح، وله جواب آخر، فصلته في مذكرتي.

فائدة: وقد استدل منه الطحاوي على مسألة قضاء القاضي بشهادة الزور، فاعلم أولًا أنهم قالوا: إن امرأة لو ادعت على رجل أنه نكحها، وأتت عليه ببينة، ثم قضى به القاضي، حل له وطؤها، فاعترض عليه الخصوم، بأن فيه تمكينًا للأجنبي من الأجنبية، وهو زنا؛ قلت: وأين هم من تخريج الحنفية، فإنهم قالوا: إن للقاضي ولاية عامة، فيقوم قضاؤه مقام العقد، حتى شرط بعضهم حضور الشاهدين أيضًا، وما ذلك إلا لتكون شاكلته شاكلة العقد بعينها، وإلا فحضور الشاهدين لا يشترط القضاء، وهذا القول، وإن كان مرجوحًا عندهم، إلا أني ذكرته لتتقدر فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015