له الشَّرْع بابًا، وأهدره هو وتَرك اللِّعان الواحبَ عليه، فما للقاضي أن ينفي ولدَها عنه، أليس مَنْ رضي بالضَّرر أَوْلى أن يقطع عنه النَّظَر، وقد ذكرناه مِن قبل (?).
4745 - قوله: (فَكرِهَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم المسائِل) وإنما كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَكْره إشاعةَ هذا النَّحْو من المسائل، لِبَشَاعتها وشناعتها.
قوله: (فَطَلَّقَها) وظاهرُه أَنَّه طَلَّقها الآن، وفي طريق آخَر أنه كان طَلَّقها ثلاثًا، قَبْل أن يسأله صلى الله عليه وسلّم كَيْفَما كان التطليقُ ثلاثًا بلفظٍ واحدٍ بدعةٌ عندنا، وعند أحمد وإنْ وَقَعْن، وليست ببدعةٍ كَيْفَما عند الإِمام البخاريِّ، والشافعيِّ، وحينئذٍ يَرِدُ علينا تقريرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عليه، فأجاب (?) عنه السَّرْخسي أنَّ التفريقَ في الصورة المَذْكُورة لما تَعَيَّن حُكْمًا لِلِّعان، صار تطليقُه كالعدم، فإِنه لو لم يطلِّقها لَفَرَّق النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بينهما، فكان ذلك أمرًا كائنًا لا محالةَ، طَلَّقها أو لم يُطلِّقها. لا سيما عند الشافعيةِ، فإِنَّ اللِّعان عندهم بِنَفْسه موجِبٌ للتفريق، وتقريرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في مِثْله، لا يوجِب كَوْنه مَشْرُوعًا، فإِنا قد عَلِمنا من الخارج كَوْنَها بِدْعةً عند النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإذا كان تَطْلِيقُه ههنا، كالعدم، لم يكن تقريرُه عليه تشريعًا، فكأنه لم يلتفت إليه، ولم يُلق به بالًا، لكونه مما لا يعبأ به.
وقد تَفَرَّد الحافظُ ابنُ تيميةَ وتلميذُه ابنُ القيم وذهبا إلى أنها واحِدةٌ، بل يُتوهّم من بعض المواضع أنها لا تقع أَصْلًا، وقد عَرَض إليه ابنُ الهُمَام في «الفتح». أما إنَّ السُّنَّة فيه التفريقُ دون الجمع، فلنا فيه صريحُ النصِّ، قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أي مرةً بعد مرةٍ، وهذا هو حَقُّه، وليس معناه اثنتين، كما زَعَم.
ثُم أَقُولُ: إنَّ الطلاقَ البائنَ قد يكون جائزًا، وكذا الطلاق في الحَيْض، وإنْ لم يُحرِّرُوه، وقد استنبطته أنا من عبارةِ محمد في الخُلْع، قال: إنَّ الخُلْع جائزٌ عند نُشوزِ الزوج في حال الحَيْض أيضًا. ومعلومٌ أنَّ الخُلْع ليس إلَّا طلاقًا بائنًا، فلزم جوازُ البائن عنده عند الضرورة. فاستفدت منه أنه إذا جَوَّز الخُلْع عند الضرورة، وهو طلاقٌ بائنٌ، لَزِمه أن يُجوِّز الطَّلاقَ في حال الحَيْض أيضًا لعدم الفارق، وكذا الطلاقات الثلاث أيضًا. فإِذن ظهر الجوابُ عَمّا في الحديث بِوَجْهٍ آخَر، ومِن ههنا ظهر الجوابُ عن طلاق إسماعيل عليه السلام امرأتَه طلاقًا بائنًا، فإِنه لما علم أن أباه قد أَمَره بِفِرَاقها، وأزمع أنْ