عن المَجْلِسِ. فذلك وإن لم يَسْتَحْسِنْهُ العلماءُ، إلا أنه يَدُلّ على عدم تعامل الصحابة، وتوارثهم في البلدةِ المُطَهَّرَةِ، وكفانا بهم قُدْوَة.
2109 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ». وَرُبَّمَا قَالَ أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ. أطرافه 2107، 2111، 2112، 2113، 2116 - تحفة 7512
والخيارُ عندنا، وعند الشافعي مُؤَقَّتٌ بثلاثة أيام، ولم يُؤَقِّتْهُ صاحباه بشيءٍ، ولعلَّه مختار البخاريِّ.
2109 - قوله: (ما لم يتفرَّقا، أو يقولُ أحدُهما لِصاحبه: اخْتَرْ، وربما قال: أو يكونُ بيعَ خِيَارٍ)، واعلم أنك قد عَلِمْتَ الفرق بين الخياريْن. فإن قوله: اخْتَرْ اخْتَرْ، لقطع الخيار في المجلس، وبيعُ الخيار، لِمَدِّهِ إلى ما وراء المجلس. فهما معنيان، والشَّكُّ بينهما غيرُ مناسبٍ، وإنما يُنَاسِبُ فيما يتَّحِدُ في المعنى، ويَخْتَلِفُ في اللفظ. أمَّا إذا اختلف المعنى، فلا يُنَاسِبُ الشَّكُّ فيه، لأنه لا معنى لقوله: «أو يقولُ أحدُهما لصاحبه: اخْتَرْ، أو يكونُ بيعَ خِيَارٍ»، بالعطف. إلا أن الرواةَ كثيرًا ما يَقْتَحِمُونَ مثله.
ومحصَّل الكلام: أن في الحديث ثلاثة أشياء: الأول: خيارُ المَجْلِسِ. والثاني: القول: اخْتَرْ اخْتَرْ. والثالث: خيار الشرط. وتفسيرُ خيار الشرط بقوله: اخْتَرْ اخْتَرْ، من أجل شكِّ الرواة في هذين في بعض المواضع، غيرُ مُلائِمٍ. وتغييرُ معاني الألفاظ من أجل اختلاط الرواة، غيرُ مُنَاسِبٍ. أَلا ترى أن قوله: «بيع الخيار» - بالإِضافة - يعيِّن إرادة النوعية، فهو نوعٌ مستقلٌ، فلا يكون المرادُ منه القول: اخْتَرْ اخْتَر. ولا نُنْكِرُ ثبوته في الحديث، إنما نقول: إنه معنى على حِدَة، وذلك على حِدَة، فلا يَتْبَعُ أحدهما الآخر في التفسير، فافهم.