بعد التحقيقِ إلى كثير طائل، فإن الترددَ في نفس إيمانه في الحالة الراهنة، غير جائز عند الكل، والاستثناءُ باعتبار الخاتمة جائز عن الكل، فمن مَنَعه فباعتبار الحالة الراهنة، ومن أجازه فبالنظر إلى الخاتمة فإنه لا يَعلمُ أحدٌ على ماذا يختمُ له، على الإيمان أو على الكفر؟ والعياذ بالله. قال صلى الله عليه وسلّم «والله لا أدري ما يفعل بي وأنا رسول الله ولا بكم». أو كما قال كما في الصحيح.
(ما منهم أحد يقول إيماني على إيمان جبريل وميكائيل) وفي هذا إشارة إلى أن المذكورين كانوا قائلين بتفاوت درجات المؤمنين في الإيمان. وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في: «تذكرة الحفاظ» بإسناد صحيح: لا أقول: إيماني كإيمان جبريل. ونسب ابن عابدين الشامي إلى الإمام الأعظم رحمه الله تعالى عدم جواز الكاف والمثل كليهما في تلك العبارة. وفي «الدر المختار» عن أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى جواز الكاف دون المثل في رواية، وفي رواية أخرى الجواز مطلقًا. وجمعهما ابن عابدين أن جوازَ الكاف دون المثل لمن كان عالم العربية، وعدم جوازهما فيما لم يكن المخاطب صحيح الفهم، وجوازهما باعتبار نفسهما. وليراجع البحث من كتابه من باب الطلاق الصريح.
قلت: وفي «خلاصة الفتاوى» وجدت نقلًا عن محمد فقط، وعلى هذا لم تجىء في هذا الباب رواية عن الإمام رحمه الله تعالى وثبت النفي عن الصاحبين، وظاهره يدل على إثبات التفاوت في درجات المؤمنين بحسب الإيمان.
(وما يحذر من الإصرار) ... إلخ فمن أصر على نفاقِ المعصية يُخشى عليه أن يُفضي إلى نفاق الكفر. وكأن المصنف رحمه الله تعالى أشار إلى ما عند الترمذي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مروفعًا: «ما أصرّ من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة». قال الحافظ: إسناده حسن. وهذا الخوفُ على الطالحين كما أن ما قبله كان في خوفِ الصالحين، فإنهم كانوا يخافون على أنفسهم النفاق، وهذا الخوف كان لصلاحِهم فلا يردُ أن إيمانَنَا أقوى منهم، لأنه