ولا يحاشى، ومنهم من يكونُ على عكسِه فيزداد في الطاعات، ألا ترى أن كثيرًا من الدُّعَّار واللصوص يفسدون في الأرض، ويعلمون كالشمس في نصف النهار أنهم يعُذَّبون بأصناف من العذاب، ثم لا يتوبونَ وذلك لِغلَبَةِ الشهوة والهوى فيهم.
وبالجملة الإقدام على المعاصي لا يوجب النقصان في التصديق الذي هو مدار النَّجاة.
ومن أقوى شبه المُرْجئة أن المؤمنَ العاصي لو دخل جهنم لزمَ دخولُ الإيمان فيها، وإذا لم يدخل الكفرُ في الجنة، فكيف دخل الإيمان في جهنم؟ والجواب: أن العاصي إذا دخل في النار يُنْزَعُ عنه إيمانه ويوضُع عند باب النار؛ كما يُنْزَعُ اليومَ ثياب المجرم عند باب السجن، ثم إذا خرج من سجنه يُعطى ثيابَه. كذلك المؤمن يُنْزَعُ عنه الإيمان عند إلقائه في النار، ثم يُعطى إيمانَه بعد تعذيبه على قدر ذنوبه وإخراجه من النار.
وقد علمت سابقًا أن المصنف رحمه الله تعالى تعرض في هذا الباب إلى التخويف المجرد، ولم يرض بأن يأولَ الأحاديث التي أطلق فيها لفظ الكفر على المعاصي: بأنه على طريق التخويف دون التحقيق. وقد مر من قبل بعض ما يتعلق به فراجعه.
(كلهم يخاف النفاق) فمن أين جاز للمُرجئة أن يقعدوا مطمئنين بإيمانهم فعلى المؤمن أن يخافَ كل آن. أما اختلافهم (?) في جواز القول: بأنا مؤمنٌ إن شاء الله تعالى، فلا يرجع