وفي «الكنز» أن السؤالَ حرامٌ على مَنْ كان عنده قوتُ يومٍ وليلة. وراجع أقسامَ الغني من «البحر». وقد اختلفت الروايات فيه عند الطحاوي. والفصلُ عندي أنه يختلِفُ باختلافِ الأحوال والأشخاص، وليست فيه ضابطةٌ كُليةُ، وبهذا يحصلُ الجمع في جملة الروايات في ذلك.
قوله: (يحسبُهم الجاهلُ أغنياءَ من التَّعفُّف) والتفعُّلُ للتكلف، وليس على معنى أنَّهم يتكلفونَ فيه، فإنه مذمومٌ، بل على معنى أنهم ليسوا بأغنياء في الحقيقة، ولكنهم يتكلّفُون ويَظهرُون كأنهم أغنياء تَعفُّفًا عن السؤال.
1478 - قوله: (والله إني لأراه مؤمنًا) ... إلخ، وهو على حدِّ قولِ عائشة لولدٍ ماتَ من الأنصارَ: «عصفورٌ من عصافير الجنة»، وقد قررناه في مواضع.
1481 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِىِّ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِىَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِى حَدِيقَةٍ لَهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ «اخْرُصُوا». وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ لَهَا «أَحْصِى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا». فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ «أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلاَ يَقُومَنَّ أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ». فَعَقَلْنَاهَا وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّئٍ - وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ - فَلَمَّا أَتَى وَادِىَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ «كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ». قَالَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِى فَلْيَتَعَجَّلْ». فَلَمَّا - قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا - أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «هَذِهِ طَابَةُ». فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ «هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ». قَالُوا بَلَى. قَالَ «دُورُ بَنِى النَّجَّارِ، ثُمَّ دُورُ بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دُورُ بَنِى سَاعِدَةَ، أَوْ دُورُ بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ - يَعْنِى - خَيْرًا». أطرافه 1872، 3161، 3791، 4422 - تحفة 11891 - 155/ 2
1482 - وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنِى عَمْرٌو «ثُمَّ دَارُ بَنِى الْحَارِثِ، ثُمَّ بَنِى سَاعِدَةَ». وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كُلُّ بُسْتَانٍ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَهْوَ حَدِيقَةٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِطٌ لَمْ يَقُلْ حَدِيقَةٌ. تحفة 4795، 11891
واعلم أن السَّلاطين كانوا يَبعثُون أمينًا لهم - يُسمَّى الخَارِصُ - إلى أصحابِ النخيلِ، لِيَحْزِرَ ثمارهم، ثم يُخلِّي بينهم وبين ثمارهم، فإذا بلغ وقت الجُذَاذ، يستوفي منه بحساب ما خَرَصَ. والنفعُ فيه أن لا يخونَ فيها أصحابَ المال، فيتضرَّر منه بيت المال، وأن يبقى المالكون في فُسحة من الإِنفاق كيف شاؤوا، فكان ذلك أيسرُ لبيت المال والمالكين جميعًا. واعتبره