فالاستقلال السياسي، الذي ظفرت به دول العالم الثالث فيما بعد، ما يزال يطرح مشكلة الاستقلال الاجتماعي والنفسي، ليواجه الإِنسان المتخلف مستقبله ومصيره بعيداً عن تبعية العالم الصناعي المستغِل.

فمقالات بن نبي ـ[في مهب المعركة]ـ حاولت في مرحلة التحضير للثورة الجزائرية تصفية المفاهيم الفكرية وتعديل المبادرات الوطنية بما يتفق وفعالية الكفاح في مختلف الأصعدة. لقد تناول بن نبي في هذه المقالات كل حدث سجله الصراع مع الاستعمار في الشمال الأفريقي، وناقش كل كلمة قيلت حول ذلك الصراع، وراقب كل حركة بدرت في هذا الإِطار.

وكان فيما يناقش ويراقب إنما يطرح القواعد الأساسية التي حالت معطيات الثقافة الغربية ومصطلحاتها دون الولوج إلى جوهرها.

من هنا تبدو مقالات بن نبي في مرحلة التحضير للثورة الجزائرية، ذات اتصال بمقالاته التي حررها بعد عشر سنوات، والتي تحدثت عن مرحلة ما بعد الاستقلال السياسي، والتي سننشرها إن شاء الله، بعد أن ترجمها الأستاذ مالك ووضعها في كتاب سماه ـ[بين الرشاد والتيه]ـ.

ففي كلا المرحلتين، تبدو المشكلة مرتبطة في حلولها، بنسق اجتماعي يحقق الشروط النفسية والثقافية لبناء حضارة.

إن هذا الكتاب يطرح للقارىء صورة من تاريخ ما قبل الثورة الجزائرية، ناضل فيها الأستاذ مالك نضال الأبطال، وهو يشرح في الوقت نفسه القواعد الأساسية التي طالما تناولها في كتبه.

ولقد راجعنا النص العربي بقدر ما أتاحت لنا المحافظة على أسلوب الأستاذ مالك وإنا لنرجو أن نكون قد بلغنا الأمانة كما ألقاها إلينا.

جزاه الله عنا كل خير وأسكنه فسيح جنانه.

عمر مسقاوي

طرابلس- لبنان

20 شعبان 1398

25 تموز 1978

طور بواسطة نورين ميديا © 2015