التي تضعها حظوط سيئة تحت ((حضانتهم)) إنهم لا يقتصرون على أن يكونوا مسرفين في أموال ((القُصَّرْ)) ليذهبوا يوما- وفي بطونهم حقوق مهضومة وفي وجوههم شيء من الخجل- حين تحل بهم لعنة الخلق وإدانة العدالة، ويخزيهم الناس بما ارتكبوا من اختلاس ومن إسراف. فالاستعماريون ليسوا بسطاء ليقفوا هذا الموقف لذا تراهم بعد اختلاس مصالح ((القاصر)) الذي وضعه سوء حظه تحت ((حمايتهم)) يختلسون ذاته فيقررون أنه ((قاصر)) إلى الأبد، وبذلك يفقد مفهوم ((الحضانة)) نفسه معناه الشرعي والأخلاقي ويمسخ في مصطلح ((حماية)).

ومن الوقائع التي تدل على هذا المسخ الذي يعقم مفهوما من المفاهيم ويسلبه كل محتواه الأخلاقي وكل مضمونه الإِنساني، نقتطف واقعة صغيرة نوهت بها الصحافة منذ سنتين، عندما قدرت السلطات الامريكية القائمة ببناء القواعد العسكرية بمراكش، أن تكون أجور العمال المراكشيين الذين تستخدمهم، هي نفسها الأجور التي قدرتها للعمال الآخرين من الأجانب ...

حسنا فهذا أمر قد يسعد ((سلطات الحماية)) في مراكش، حيث أنه يحقق لرعاياهم، أو ((القُصَّر)) الذين وضعهم الحظ في حضانتهم، ما يستحقون وما يرغبون من أجور ...

حسنا! ... ولكن سرعان ما تقدم المقيم العام الفرنسي بالرباط للسلطات الأمريكية لا بالشكر على حسن المعاملة للرعايا الموضوعة تحت رعايته، ولكن تقدم بالاحتجاج ... محتجاً بأن الأجور قدرت للعمال المراكشيين فوق ما يستحقون! ...

فها نحن إِذا في تلك الحالة الشاذة، التي تتيح لنا مقارنة مفيدة على قاعدة القانون الذاتي، الحالة التي يقوم فيها من وضع ((قاصر)) تحت رعايته، بإجراءات خصوصية كي يسلب هذا القاصر حتى من ثمن عرقه، ومن ثمرة عمله ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015