تنطق ((بالتقديرات السياسية المغامرة)) التي يعتمد عليها الاستعمار، فهو أحياناً يدعم ويبرر وجوده في المستعمرات بمثل هذه الشهادات.

ومهما يكن الأمر، فإن رسم ((الشخصية التابعة)) بما تستلزم من السمات، يرسم، على صورة ما، الجانب ((الأهلي)) فقط في الكتاب الذي يكتمل، بطبيعة الحال، بجانب ((أوروبي)) ملازم للنزعة أو ((الرسالة)) الاستعمارية.

فهذه الرسالة تغور جذورها في أعماق الشخصية الأوروبية كما يراها منوني، فتجعلها مطابقة لشخصية ديكارت، بل هو صانعها، لأنه يمثل في نظره الإنسان الذي تخلص من ((رعاية الأمومة)) وتقبل شعور ((الضياع)) كشعور باستقلاله، كشعور بانتصاره على ((خشية الضياع)) مبرهنا بذلك على ثمن وطريق أي تحرر يغنم به الفرد.

إن المؤلف يرى في ديكارت الرجل الذي حقق أسطورة بوتي بوسيه Petit Pouset (?) واخترع وسيلة الاهتداء إلى الطريق في ((غابة الشك)) كما يرى في المنهج الديكارتي المغامرة التي أتاحت للأوروبي أن يهتدي إلى ((تقديس الوسائل)) محولا ثقته من عالم الطاقات الخفية إلى عالم الطاقات الظاهرة Technique.

إننا ندرك هنا التقدير الذي يخص به المؤلف منهج ديكارت كطريقة تحرر، ولكن يصعب علينا في نفس الوقت إدراك السبب الذي جعل المؤلف، كعضو في لجنة تحضير لبرنامج توجيه مدرسي Pédagogie بمدغشقر، يفضل في هذا البرنامج ترجمة بلزاك على ترجمة ديكارت، كأنه لا يعتقد أن تفكير ديكارت سيقوم في المجتمع الملغاشي بالدور التحرري الذي قام به في المجتمع الغربي، أو كأنه .. يعبر هنا عن موقفه بتلك الطريقة التي يشير إليها هو نفسه عند الغربي، ويسميها ((رد فعل لا شعوري أمام الرجل الملون)) وهو على حد قوله ((رد فعل لا تحدد طبيعته بوضوح)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015