يدرك إلى أي نوع من ((الملذات)) يشير المؤلف بهذه الكلمة.

ومهما يكن من أمر، فإن الصديق الباريسي الذي عرفني بمنوني، أراد أن يلفت نظري بصورة ما، إلى وجه تشابه بين ما يسم به المؤلف شخصية الملغاش أي ابن المستعمرات بصفة عامة عندما يصفها بـ ((مركب التبعية))، وبين الحالة الخاصة التي تكون عليها الشعوب المستعمَرة، وقد أشرت إليها في بعض دراساتي بمصطلح ((قابلية الاستعمار)).

ولكنني لا أرى وجه التشابه الذي يشير إليه صديقي على أنه ذو مدى بعيد، هذا إذا أخذنا في حسابنا العناصر الخاصة بكلتا النظريتين ولسنا نتساءل هنا!! هل سلوك التبعية الذي اتخذه المؤلف موضوع الدراسة في البيئة الملغاشية، هو خاص بهذه البيئة، أم إنه يتعدى حدودها ويكون قاسما مشتركاً لكل البلاد المستعمرة بالصورة التي يعتقدها صاحب الكتاب!! إنني لا أتصور في الشمال الأفريقي مريضا يقول للطبيب الذي عالجه وشفاه: ((أنت الآن أوروبيني)) أي أن يجعل بينه وبين رجل آخر صلة الملكية، التي تعبر عن ((سلوك تابع)) وعن موقف استعماري ينشئه تلقائيا سلوك فرد ملغاشي إزاء طبيب أوروبي عالجه.

وربما لا يكفي هذا كمقياس نميز به بين التبعية بمصطلح منوني وبين القابلية للاستعمار بالمصطلح الذي استخدمته، وهو ليس موضوع حديثنا بخصوص هذا التمييز إلا بصفة عابرة ومن أجل رفع الشبهة، لذا نقتصر على القول الذي يوضحه مما سيأتي: إن الفرق بين الحالتين اللتين يعبر عنهما كلا المصطلحين هو أننا من ناحية في مواجهة مركب مجتمع (المجتمع التابع) يكون قد بلغ حالة الركود وانتهى إلى التوازن الجامد بتطور نفساني طبيعي، أو فطري بينما نكون من ناحية أخرى أمام وضع مجتمع قد وصل إلى حالة الركود إثر نكسة اجتماعية، أي أننا في الحالة الأولى أمام مجتمع متماسك متجانس تكون الصلات العمودية فيه ((الأسرة)) أداة تماسك قوي للمجموعة كلها وفي الحالة الثانية أمام مجمتع متفكك منقسم إلى ذرات، تكون الصلات الأفقية فيه ((المجتمع))

طور بواسطة نورين ميديا © 2015