وإننا لنعرف، عن طريق علم الأجناس، معرفة كافية من هو الأول، ولكن من هو الثاني؟

الجواب هو: أن كل رجل غير أوروبي فهو ((أهلي)) بتعبير اللغة الفرنسية (( Indigène)) أو بتعبير اللغة الإِنجليزية (( Native)).

وأما شذوذ اتصالهما، الذي ينشىء الموقف الاستعماري فإنه صادر عن الفرق، الذي يلاحظه المؤلف، بين ((حرب استعمارية)) ومجرد حرب، يعبر عنها بالمصطلح العادي.

فنحن ندرك أن الدراسة منذ مقدمتها الأولى، ستتخذ اتجاهين: أحدهما خاص بدراسة ((المستعمِر)) والآخر خاص بدراسة ((المستعمَر))، وأن المعطيات النفسية الخاصة بهذين الاتجاهين هي التي تصوغ بالتالي التركيب الذي يطلق عليه منوني ((المواقف الاستعمارية)).

ولا شك أننا كنا ننتظر في الكتاب بعض الملامح، التي تعودنا، بمقتضى تجربتنا كمستعمَرين، أن نرى فيها ملامح ((المستعمِر)) ولكننا نتساءل هل يعترف المستعمَر، مثل ابن جزيرة مدغشقر الذي كان موضوع دراسة منوني على وجه الخصوص، هل يعترف بتلك الصورة التي يعطيها له منوني عندما يسمه بتلك السمة التي يطلق عليها مركب التبعية Complèxe de dépendance؟

ومهما يكن في الأمر فربما كان الشعور بالذات يحس بمعاكسة سواء عند ((المستعمَر)) إن لم يعترف بهذه الوصمة التي يصفه بها منوني، أو عند ((المستعمِر)) عندما يشعر أن المؤلف كشف بعض ملامحه الخفية، مثل تلك الوصمة التي يصف بها، الأوروبي في المستعمرات، على أنه لا يطلب فقط الفائدة المادية ولكنه يرغب أيضا في بعض الملذات النفسية الخطيرة.

فكل من عنده فكرة مسبقة عن بعض المذابح التي سجلها التاريخ في رصيد الاستعمار منذ سنة 1945، ويعرف ما كان فيها من تفنن سادي في الوحشية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015