في مهب المعركه (صفحة 172)

الْأَسَاسُ الْغَيْبِيِّ لِفَلْسَفَةِ الْإِنْسَانِ فِي الْإِسْلَامِ

الجمهورية الجزائرية في 29/ 9/ 1950

ــــــــــــــــــــــــــ

إن المقالة التي نشرها الدكتور عبد العزيز خالدي (?) بعنوان ((الاستعمار والحرية)) - وربما كانت تستحق عنوانا آخر لأنها تتعرض لمشكلة في منتهى الأهمية بالنسبة إلى كفاحنا اليومي- قد وضحت عقدة جوهرية في النفسية الأوروبية تجاه الإنسان، العقدة التي تمنع الفكر الأوروبي من فهم الإنسان بمعناه التام، أو كما يقول صاحب المقالة، في عبارة موفقة، فهم ((الإنسان بأكمله)).

وهذه الحقيقة واضحة في النفسية الأوروبية كما سنحاول توضيحها في هذه السطور. ولكن الدكتور خالدي يعزو هذه العقدة إلى ظاهرة رأسمالية، وبالضبط إلى الثقافة الرأسمالية التي، حسبما يرى هو، قد أذابت سفهوم ((الإِنسان الأبيض المتحضر)) و ((الإنسان الملون المتهمج دون رجعة، والمتخلف بصورة مزمنة)).

فهذا التفسير للقضية، أي تفسيرها على أنها من معطيات المجتمع الرأسمالي، يكون مقبولا لو أنه تمشى مع الوضع الأوروبي منذ عهد معين، أي منذ ظهور الرأسمالية في أوروبا وتكوين الأمبراطورية الاستعمارية، ولا شك أن الواقع الاستعماري، الذي نعرف آثاره الغربية في أوروبا، بحيث يعمي الأبصار حتى ينظر الناس إلى الرجل الأشقر من جبال الأوراس بالجزائر على أنه ((الزنجي)) بينما يرون الرجل الأسمر الذي يعيش مثلا بجبال قسطيليا أسبانيا على أنه ((الأبيض))، لا شك أن الفكر الاستعماري، الذي يمارس تحريف الواقع بهذه الصورة المكشوفة حتى في مجلة للأطفال، لا شك أن هذه الأشياء تجعلنا نركن إلى رأي الدكتور خالدي في القضية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015