وراء خطوات غاندي، لتمثل في قصة الساتياجراها دور المجدلنية في هذا العصر.
أما في أوروبا، فلم يكن لهذه الصرخة أي صدى، وما كان لها أن تترك أثراً في تلك البلاد المنهمكة في نعيم ((العصر الجميل)) (?) حيث كانت الجماهير الأوروبية ترقص فيه رقص فيينه، على نغمات شتراوس الساحرة، تحت سيول الأضواء الكهربائية التي بدأت تنير، إذ ذاك الحياة المتمدنة. ولم يكن المعاصرون للملكة فيكتوريا أولئك الذين طبعوا ذلك العصر بما في نفسيتهم ومزاجهم، لم يكونوا يزورون الهند من أجل أن يسمعوا صرخة الإِنسان الهندي، بل ليتمتعوا بصوت النمر الرهيب في غابات البنغال الكثيفة.
ولكن هناك، في البنغال بالضبط، حيث قمعت بالدماء بعض أحداث ثورية بدأ يصعد، حوالي سنة 1905، صوت طاغور. الذي وجه نداء الهند لأول مرة إلى أوروبا، ولقد كان في أوروبا ضمير يقف بالمرصاد، وأذن رقيقة الحساسية تتحسس كل هبوب تدفعه الروح، وكل نداء يأتي من الإنسان، وكل أنين يصعد من الآلام ... ، وهكذا سمع رومان رولان بكل حساسيته النادرة صوت طاغور، ((صوت ذلك العصفور)) كما سيسجل في مذكراته عندما يسجل اسم الشاعر الكبير لأول مرة.
ومن تلك اللحظة، يبدأ تاريخ الساتياجراها، أو رسالة الهند في العالم. لأن رومان رولان بدأ من تلك اللحظة تبليغها ونشرها ليس في أوروبا فحسب - موطن دمه- ولكن في العالم، موطن روحه.
ولم يقم بهذه الدعوة دون أن يشعر بجلالها وقداستها، كما نرى ذلك من خلال مذكراته عندما يذكر بعض رفاق الطريق، وعلى وجه الخصوص، عندما يذكر رفيقين قضيا نحبهما في ذلك الطريق، في خدمة الدعوة، لقد رافقا غاندي في الأيام الأولى عندما كانت الدعوة في بدايتها بافريقيا الجنوبية، وهكذا يتساءل