ومن هنا يمكن الوقوف عند نتيجة أولى. فموقفنا إزاء مفهوم الثقافة بصفة عامة، والثقافة الغربية على وجه الخصوص، هو السبب الرئيسي في الشر كله.
وإذا صحت هذه الملاحظة بكل دقة نظرا لما قدمناه، فإن صحتها تزيد، لو صح التعبير، إذا عقدنا بعض مقارنات وجيهة.
1 - بالنسبة إلى أفراد مختلفة في مجتمع واحد- هو المجتمع الإسلامي- إننا نجد في طرف هذا المجتمع مفكراً من حجم محمد إقبال، وفي طرفه الآخر قافلة المثقفين (?)، والاختلاف بين النموذجين اختلاف فردي، ناتج عن أن إقبال استطاع، لا شك تصفية ((الأفكار الميتة)) المشحونة في نفسه عن طريق الوراثة الاجتماعية، حتى أن موقفه من مشكلة الثقافة تغير كليا، كما نتصور ذلك من خلال ما كتب، حيث لا نجده قد ((امتص)) من الثقافة الغربية عناصرها القاتلة، بل امتص منها عناصرها الحية، المحيية، التي نجد أثرها، بكل تأكيد، في محاولته لـ ((إعادة بناء الفكر الإسلامي)).
2 - وبالنسبة لمجتمعين مختلفين- المجتمع الياباني والمجتمع الإسلامي على سبيل المثال- فإنهما دخلا المدرسة الغربية في الوقت نفسه تقريبا- حوالي سنة 1860 - ولكن الحقيقة التاريخية التي لا جدال فيها هي أن النتيجة اختلفت تماما. إذ نجد، بعد قرن ((معجزة اليابان)) في ميدان الفن والصناعة والاقتصاد، ومن طرف آخر في المجتمع الإسلامي، نجد دون ريب، مجهودا لا ينكر فيما نسميه ((النهضة)) ولكنه مجهود تشله ((الأفكار الميتة)) الموروثة من عهد ما بعد الموحدين.
فمعجزة اليابان لا تفسر قطعا إلا بموقف فيه فعالية أكثر اتخذه اليابان من الثقافة الغربية لأنه تخلص من الأفكار الميتة الموروثة من عهد ((الشوغون))، ولا يمكننا على كل حال، أن نفسرها بأن الاستعمار أعطى للنخبة اليابانية أفكارا