في مهب المعركه (صفحة 140)

وهو رجل يستهوي المودة ويتسم، بالخصوص حسبما كان يبدو لي، بأخلاق من يخدم الصالح العام بإخلاص ... ولكنني كنت أشعر أنه رجل قد ينام وعلى وجهه قناع الغاز ... لو سمع أن أحداً في العالم اكتشف الاكتشاف الشيطاني ألا وهو الغاز الخناق ...

وبعد كل ما نقوله فيه ... فالأمر يكون هينا ... لو كان يخص مشعوذاً يتمرن- كما يصنع أمثاله في الهند- من أجل أن يتصرف في وظيفة تنفسه طبقاً لما تقتضيه حاجة الشعوذة على أخشاب المسرح .. ولكن عندما تكون القضية قضية رجل مسخر لخدمة الصالح العام بكل إخلاص ... فالأمر فيه نظر ... لأن الرجل بمقتضى وظيفته يقوم بدور ملقن الصبيان ... فهو يلقنهم أفكاره الخاصة ... ومن بينها كيف يمسكون عقولهم عن التنفس عندما يشعرون بأخطار ... هي في الواقع وهمية.

وإننا لنتصور هذه المأساة إِذا قدرنا الأشياء في الإطار البيداغوجي حيث كل عملية لخنق التنفس العقلي تؤدي إلى تكوين العقل المختنق ...

ولكن فلنعد إلى الحديث الذي يشرح هذه الخواطر ... لقد تناول حدثاً أدبياً ورد في شعر شوقي ... الذي صاغ في إِحدى قصائده تحية شعرية وجهها إلى باريس، إلى روعة صورها الفنية وإلى جاذبيتها الفكرية.

ويبدو أن هذه الشاعرية الفياضة عند الشاعر العربي الكبير قد خدشت الحساسية الكبيرة عند رجل يشعر بلعنة الاستعمار بصورة ممتازة ... حتى إنه لم ير في الأبيات المتَّهمة إلا باقة من الشعر تهدى إلى الاستعمار الفرنسي نفسمه. فمن نخطِّئ.؟ أهذه الشاعرية الفياضة أم هذا الشعور الممتاز؟

قد كان هذا السؤال هو موضوع الحديث بين الطالب الرحالة والأستاذ الزيتوني المحترم، وكان رأي هذا الأخير: أن الخطأ يقع على كاهل الشاعر المتهم:

لأننا نجد- والرأي رأي المتحدث- نجد في هذا الشعر الأثر المؤسف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015