الاقاليم، ساعيا في مصر والشام والعراق، إلى أن استقر به المقام في بغداد، حيث بقي إلى أن وافته المنيّة سنة 310 هـ.
وهو واحد من اعلام الأئمة، يؤخذ رأيه، ويرجع الى قوله، لمكانته في العلم، وقدرته على الفتوى، فقد كان حافظا لكتاب الله الكريم، بصيرا بآياته، فقيها في أحكامه، ملما بالحديث والسنة، مطلعا على أقوال الصحابة والتابعين ومن خلفهم.
كان ابو العباس بن سريح يقول فيه: محمد بن جرير فقيه عالم. وهي شهادة صادقة، دلت عليها آثار ابن جرير في علوم متعددة حيث أنتج في علم القراءات والتفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ.
ويعتبر الطبري مرجعا في التفسير، كما يعتبر مرجعا في التاريخ الاسلامي، يقول ابن خلكان عنه: إنه كان من الأئمة المجتهدين، لم يقلد أحدا. ومع أن ابن جرير كان له مذهبه الخاص المنفرد المستقل، وأقوال واختيارات، وأتباع ومقلدون (?) فقد نقل عنه انه كان شافعي المذهب أول طريقه، وقال في ذلك:
أظهرت فقه الشافعي، وافتيت به ببغداد عشر سنين، وتلقاه مني ابن بشار الأحول، استاذ أبي العباس بن سريح.
هذا هو ابن جرير، وهذه أقوال العلماء فيه، وذلك حكمهم عليه، ومنها يتبين لنا قيمته وقدره (?).
قلنا إن تفسير ابن جرير يعتبر من أشهر التفاسير وأوفاها، كما يعتبر مرجعا أول عند المفسرين سواء منهم الذين عنوا بالتفسير النقلي أو العقلي، لما فيه من توجيه القول، والاستنباط، وترجيح القول على غيره، بأسلوب يعتمد على صحة النقل ودقة البحث واكتماله.