فقد ذكروا في تفسير الآية (ألم نر إلى الذي حاج إبرامم في ربه) الخ، تلك المناظرة أو المحاورة التي دارت بين خليل الرحمن من جهة، وبين الطاغية النمرود من جهة ثانية وبواسطتها ظهر عجز النمرود، وبهت أي احتار ولم يستطع أن يدفع حجة إبراهيم التي قامت عليه وأظهرت عجزه، فصار كأنه أخرس لا يستطيع أن يتكلم وهو الذي دام ملكه أربعمائة سنة إلى زمن إبراهيم فقط على ما ذكر وكان جبارا قويا، فساقه غروره بنفسه إلى أن أنكر وجود خالق كل شيء وهو الله رب العالمين وكان قابضا على أرزاق الناس - وبهذا تجبر - فكان يعطي الطعام لمن أقر له بالألوهية ويمنعه عمن لا يقر له بها فصادف ذات يوم أن جاء إبراهيم يمتار ويشتري الطعام لأهله فدخل على النمرود كما دخل عليه من جاء يمتار، وكان الملك سأل كل من جاء لأخذ الميرة - الطعام - فيقول له من إلهك؟ فمن قال أنت، أمر له بالميرة، ومن لم يقل هذا منع عنه الطعام، فجاء إبراهيم ودخل عليه للميرة كما دخل عليه الناس للغرض ذاته، فسأله النمروذ من هو ربك؟ فأجابه إبراهيم بما هو في عقيدته (ربي الذي يحيي ويميت) أي يخلق الموت كما يخلق الحياة فقال له هل هناك إله غيري؟ فقال له نعم هو الله، ولا إله غيره، وأنت عاجز، فأمر بمنعه من أخذ الطعام فعاد الناس إلى أهلهم بالطعام وهم الذين أقروا له بالألوهية وعاد إبراهيم إلى أهله بدون طعام، وبالغرارتين فارغتين، وبقلبه العامر