أما ما ابتلي به إبراهيم من أجل عقيدته فذلك مثل رائع، كاد يكون فريدا في بابه وذلك في قوة العقيدة التي تستجيب لأوامر ربها وتمتثل له ولما يطلبه منها خالقها وأي بلاء أو ابتلاء وامتحان أشد وأقسى من الأمر بذبح الولد الوحيد في زمنه فذلك حين أمره الله بذبح ولده ((إسماعيل)) الوحيد الذي رزقه وهو في العقد التاسع من عمره، ذلك ما جاء في قوله تعالى (فبشرناه بغلام حليم ((101)) فلما بلغ معهم السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ((102)) سورة والصافات.
فثبت إبراهيم عليه السلام في هذا الامتحان، وخرج من هذه المحنة فائزا منتصرا لقوة عقيدته وطاعته لربه، واستمر خليل الرحمن على نهج الدعوة إلى الله فلم يفتر أو يضعف أو يرهب أحدا من خلق الله يدعو إلى الله في الطرقات والمشاهد والمجتمعات العامة والخاصة إلى أن أقض مضاجع المشركين وعلى رأسهم ملكهم (نمروذ) بجنده وقوته، ولما أعياهم أمره تآمروا على إعدامه وإراحة مجتمعهم المشرك منه ومن دعوته واتفقوا على إحراقه بالنار لما عجزوا عن محاربته ومحاجته بما يقبله العقل السليم، من البرهان والدليل وهذا السلاح كثيرا ما يلتجئ إليه الأقوياء بقوة الباطل، الذين تنقصهم الحجة والدليل، فيميلون إلى قلتهم، والقوة سلاح العاجز عن المجابهة والمقاومة