فاتبعني أهدك صراطا سويا (43) يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا (44)).
بهذا الأسلوب في المخاطبة، يواجه خليل الرحمن أباه في رقة عبارة ولطف خطاب فيه نوع من الاستعطاف بلا قسوة ولا غلظة وهو يعلم أنه على الحق وأن أباه وقومه على الباطل حتى إذا لم يستجب إليه أحد من قومه - بمن فيهم أبوه - تنصل منهم وتبرأ من أعمالهم العالقة للفطرة وتمسك بما وصل إليه تفكيره من توحيد الله وترك ما سواه كما قص علينا القرآن هذا حين شرح للمؤمنين موقف إبراهيم ومن كان معه من المؤمنين فقد تبرأوا من كل مشرك حتى من الوالدين وجاهروهم بالعداوة من أجل العقيدة الصحيحة وفي سبيلها حيث طلب منا القرآن التأسي والاقتداء بخليل الرحمن ومن كان معه من المؤمنين ونبذ الكافرين والعصاة وعدم الاهتمام بهم، ولو كانوا من أقرب الناس إلينا فليكن حبنا واحترامنا مبنيا على أساس ما توجبه علينا العقيدة الصحيحة بلا مجاملة ولا احترام، هذا ما جاء في قوله تعالى (قد كانت لكم إسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله، كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده) الآية 4 من سورة الممتحنة.