به وبطغيانه (أنا الذي خلقتكم، وجعلت لكم مقاما في العالم، وإلا فمن هم أنتم، وما هي قيمتكم لولاي؟؟ وماذا كنتم تساوون؟؟) وهذا من الغرور البشري النمروذي، وما درى هو نفسه أنه لولا شعبه أيده واستجاب لندائه وبذل الغالي والرخيص لما كان هو يساوى شيئا، ولما كان يجلس على كرسي الدولة والحكم؟ وهذا النوع موجود كما قلت في كل زمان ومكان وهو ناتج عن الغرور بالنفس أو الجهل بحقيقتها.
نعود إلى موقف خليل الرحمن إذ في ذلك الوسط المتعفن بالظلم والطغيان ولد إبراهيم ولحكمة يعلمها الله فقد طهر قلبه من عقيدة الشرك بالله لأنه أعده لحمل أعباء الرسالة ومحاربة الشرك والباطل والظلم والجهل، حتى لا يقال له إذا حان وقت تحمل الرسالة والأمر بمحاربة الشرك، أنت كنت تفعل هذا معنا وهذا الموقف وقع لكافة الرسل الكرام كرسولنا محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين ذلك أن الله سبق في علمه أنه سيبعثه رسولا إلى أمته، فلا تراه في صغره يعبد أوثانهم وآلهتهم الباطلة وملكهم الطاغية، فبصره الله من زمن حداثة سنه بما عليه قومه من الباطل لذلك كله توجه خليل الرحمن إلى تسفيه أحلامهم فعاب أصنامهم من صغره، وبين لعابديها عجزها وسخر منها.
وفي القرآن الكثير من هذا، من ذلك قوله تعالى ((ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين (51))