إذ قد حمله الرسالة، وفيها الدعوة إلى توحيد الله في العبادة والطاعة، وفي هذا قال الله (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال ينال عهدي الظالمين).

وقد لاقى إبراهيم من قومه الوثنيين ما لاقاه غيره من الدعاة إلى الله وإلى إصلاح المجتمعات من الفساد وسوء الأخلاق والمعتقدات فلحقه اضطهاد وتعذيب من جبار زمانه ((نمروذ)) الشيء الكثير.

وكان هذا الجبار ادعى الألوهية بعد أن استحوذ على عقول بنى قومه بالقوة والجبروت حتى أخضعهم وطوعهم لسلطانه فأقروا له بالطاعة والألوهية - مرغمين - على أنه معبودهم ومالكهم وأرزاقهم بيده وكانت له مواقف مع رسول الله إبراهيم سواء قبل مبدأ الرسالة أو بعدها ومن لم يعترف لهذا الطاغية بهذه الألوهية ناله ما ناله من أنواع التعذيب والتنكيل الشديدين، إلا الخليل فإنه عصاه وسخر منه ومن دعوته الشيطانية ومن ادعائه الألوهية إذ هو من البشر الضعيف الذي لا حول له ولا طول، يجري عليه ما يجرى على أمثاله الضعفاء وليس له من القوة إلا ما لا مثاله من البشر، فلا يستطيع أن يدفع عنه بعوضة - وهي أضعف المخلوقات - من البعوض الذي سلطه الله عليه وعلى قومه فبعثه الرب القادر الخلاق العليم عليهم ليريهم مقدار ضعفهم وعجزهم العجز الذي لا شبيه له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015