مركباً تركيباً مزجياً، كحضرموت ... إنه والله طريق الموت الحاضر لا طريق الحياة!.
لا. لم أرد أن أنحو في هذا الحديث نحو الخطابيات، ولم أنشئه لأخاطب به العواطف وحدها، ولكن نحوت فيه نحو التدليل والتعليل، وقررت حقائق بأدلتها، وأنا أدعو إلى مناظرتي فيه كل مخالف في رأسه عقل، وفي يده قلم، وفي فمه لسان ...
ولم أوجه للمسلم وحده، بل لكل من قال أنا عربي، لا أخص مسلماً ولا مسيحياً، لأن من صفات العربي التي تقوم عليها عروبته الشهامة والغيرة على الأعراض، ومن ادعى العربية ولم تكن له على العرض غيرة، ولم يغضب لحرمة فهو كذاب دعي ليس بعربي.
وسيقول ناس من القراء: هذا رجل معروف بالدعوة إلى الرجعية فلا تسمعوا له إنه يريد أن يعود بنا إلى الوراء، ونحن نريد أن نتقدم.
وهذا كلام لا يناقش ولا يرد عليه، إنما يناقش كلام مؤيد بحجة، إنما يدفع اعتراض قائم على منطق، إنما يقرع الدليل، فهل في هذا الكلام حجة أو منطق أو دليل؟.
إنهم حفظوا كلمات فهم يرددونها لا يحاولون فهم معناها، يقولون: رجعية. وما الرجعية؟ هي الرجوع إلى الماضي، أي إلى أخلاقه وعاداته، فما يمكن أن يرجع إلى زمان مضى، فهل الرجوع إلى مثل أخلاق المسلمين الأولين نفع أو ضرر؟ وهل يكون الداعي إلى تلك الأخلاق مصلحاً أو مفسداً؟.
هذه هي الرجعية!.
هي رجوع إلى الدين، أفترجع فرنسا إلى دينها، أي إلى كاثوليكيتها، ويظفر الحزب الديني فيها بارز مقاعد المجلس النيابي، فلا ينكر عليها أحد، ولا يتهمها بالتأخر، ولا يصمها بالجمود. ونطلب نحن العودة إلى ديننا الحق، فيقول السفهاء أنا متأخرون جامدون؟.