المحب ساعة الوصال، والعروس ليلة الزفاف، ويرقق قلب الموتور يوم الانتقام ولو أشهدت هذا العرض لكتبت لكم سطور مجد تكون للأعصاب ناراً تشعلها حماسة، وللقلوب خمراً تميلها طرباً، ولهذا الجيش جيشاً آخر. ولو أحضرت حفلة رفع العلم على الثكنة الحميدية لكتبت غير ما كان نشر في الرسالة (?)، لأن الذي يتخيل ويكتب بارد الدم هادئ الأعصاب، غير الذي تمشي الكهرباء في أعصابه فتهزها هزاً، فيمسك قلمه ويدع روحه تملي عليه.

ولست -علم الله- أريد مالاً من أولي الأمر أو عطاء، ولا أبتغي من مجالستهم شرفاً، فعندي من المال ما يسد حاجتي، ومن الشرف ما يكفيني، وإنما آسف على قوة فيّ، وفي أمثالي من حملة الأقلام، تذهب هدراً، وتضمحل والوطن يحتاج إليها، وهي تستطيع أن تكسبه مجداً لا ينال بغيرها.

...

فيا أيها الحاكمون! اذكروا أنكم تحتاجون إلى الأدباء ليكسبوكم الخلود وليفيضوا على أمجادكم الحياة، أما هم فلا يحتاجون إليكم، لأنهم يستطيعون أن يخلقوا بأدبهم ملوكاً وأبطالاً، وينشئوا عالماً، ويقيموا لأنفسهم وللناس دنيا، إن تكن من الوهم، فرب وهم أفعل في نفس صاحبه من الحقيقة، وأثبت من الواقع. ورب شخص (روائي) خرج من خيال أديب، أحيا حياة، وأظهر وجوداً من أشخاص اللحم والدم، أسمعتم بعطيل ودون جوان وآرباجون؟ والحارث بن همام وعيسى بن هشام؟.

وبعد فهذا دفاع عن الأدب، لا عن الأدباء، فأقبلوه أو لاتقبلوه إنما علينا أن نقول، وقد قلنا.

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015