ملء المعدة بأرخص الطعام، وستر الجسم بأيسر الثياب، والاستكنان بشر المساكن؟ وأن تكون معيشتهم أقل من معيشة كلاب الأغنياء؟.
قرأت العدد 673 من مجلة الإثنين أن (روى) كلب الوجيه الأمثل، فلان بك، يفطر كل يوم بكيلو من الحليب ورغيفين من خبز (الفينو) و (باكيت) من (الشكلاطة) ثمنه بين ثمانية قروش وخمسة عشر قرشاً ويتغذى برطل ونصف رطل من اللحم المسلوق مع طبق مترع بالثريد، وأن له طبيباً خاصاً؟ وخادماً أجرته عشرة جنيهات في الشهر عمله أن يصحبه في سيارته الخاصة به؟ في نزهتيه اليوميتين وأشياء أخرى من هذه البابة، يمتع بها هذا الوجيه الأمثل، كلبه المدلل، لا يصل إلى مثلها واحد في كل عشرة آلاف ممن يقطن هذا الوادي من بني آدم؛ فلم أجد في العربية على سعتها، وعلى طول اشتغالي بها، كلمة تليق بهذا السفيه المبذر الكافر بالنعمة وبالإنسانية وبالوطن، لأقولها له؛ ولم أدرِ كيف أخاطب هذا المجتمع الذي بلغ الفساد فيه، والانتكاس في أوضاعه إن صارت الكلاب تأكل (العيش الفينو) وكثير من الناس يتمنون الخبز الأسود؛ وتركب السيارات وهم يمشون حفاة؛ وتنام على الحرير وهم يهجعون على التراب؛ ويقوم عليها طبيب خاص وهم غرقى في الأمراض؛ لا يجدون الطبيب.
هذه حال لا يرضى بها الله، ولا العقل، ولا الشرف، وأنا أخاف والله أن تفتح علينا باباً من الشر لا يسد وتأتينا إن لم ننتبه لعلاجها بالداهية الدهياء، بالشيوعية المدمرة، التي تأكل أخضرنا ويابسنا، وتمحق غنينا وفقيرنا، فتكون لنا الراحة التي لا ألم بعدها: راحة الموت.
هذه حال لا يمكن أن يحتملها بشر، فإن كان من بيدهم الأمر لا يمشون في الطرقات، ولا يخاطبون الناس، ولا يعرفون من الدنيا إلا القصر والسيارة والملاهي والرحلات، فليسألوا: ما بال الفقراء؟ ماذا يصنعون؟ وما شأن صغار العمال والموظفين وكيف يعيشون؟ وليعلموا أن عمر بن الخطاب كان يخاف أن تضيع شاة على شاطئ الفرات فيحاسبه الله عليها، أفلا يخافون أن يسألهم الله عن أمة بقضها وقضيضها ستضيع على شاطئ النيل؛ سيقتلها الجوع في