عنصراً، وأنقى جوهراً، وأنها إذا أفقرت الأيام الغني، وأذلت العزيز، فإن الفلك دوار، والدهر دولاب، فلا يغتر الفقير بالغنى الحادث، ولا يأسَ الغنيّ على اليسار الذاهب، فإن كل شيء يعود إلى أصله، وإن كل حال إلى زوال.
أين الفوهرر الذي نطح النجم كبرياء؟ وأين الدوتشي؟ فاعتبروا يا فهاررة اليوم ... فما أنتم بأمنع من الموت، وما أنتم بأعصى على القدر، وإن لهذا الكون دياناً جباراً ما شاركه أحد كبرياءه إلا قصمه ... وما أنتم حتى تشاركوا الجبار كبرياءه؟!
...
وأين تلك الأقلام تفهم الشعب أن المستعمرين ما زهدوه في قرآنه، وصرفوه عن دينه، وشغلوه عن تاريخه، إلا ليسلبوه أحدَّ أسلحته، ويجردوه من أمتن أدراعه، حتى إذا قابلوه أعزل عارياً، هان عليهم اصطياده، وسهل استعباده، فكان إليهم قياده؛ وأنه آن لنا أن ننتبه لمكرهم بنا، وأن نفيق من غفلتنا، ولا نمشي إلى الهوان بأرجلنا، ونمكن عدونا منا بِملْكنا.
وأين تلك الأقلام تعلن للناس أن هذه القوانين الأجنبية في محاكمنا، أثر من آثار الاستعمار الذي نحاربه، وأن لنا شرعاً هو أفضل من قانونهم، وديناً هو أحسن من نُظمهم، وأننا نستطيع أن نأخذ القانون المدني والجزائي من ديننا وفقهنا، وأن نحكم في محاكمنا بما أنزل ربنا، وأن من العار علينا أن نفتقر إلى قوانين عدونا. وما قوانينه؟ إن كانت من فكره فلنا أفكار، وإن كانت من تجاربه فلنا تجارب، وإن كانت من دينه ... وأنّى؟ وما في الوجود دين تستمد منه القوانين كلها إلا الإسلام؟
فهل رأيت غنياً موسراً، أورثه أبوه صناديق الذهب، ثم يتكاسل عن القيام إليها، ومعالجة قفلها، ثم يذهب فـ (يشحد) ذليلاً الملاليم والقروش من أكف أعدائه ليتبلغ بها؟
هذا مثالنا حين نترك ديننا ونأخذ قوانين المستعمرين!
***