ومن النساء من لا تبلغ في الإسراف هذا المبلغ، فتكتفي بنصفه أو ثلثه ولكن مرتب الموظف المتوسط نصف مرتب صاحبنا أو ثلثه، وتبقى النسبة على حالها؛ أما الموظفون الصغار كالمدرسين الذين يأخذون خمسين ورقة في الشهر وأربعين وثلاثين والصناع وصغار التجار، فتصور أنت موقفهم من نسائهم، فما يبلغ القول تقرير الحقيقة ووصف الواقع.
ولست أزعم أن النساء كلهن عمياوات لا يبصرن حالة أزواجهن، وأن قلوبهن قد قدت من حجر فلا تشفق ولا تحزن، بل إن في النساء عاطفة وحسّاً ولكنهن يألفن حالة، فلا يطقن أن يراهن أحد على حالة دونها، ويستحيين من صاحباتهن ورفيقاتهن ... ووراء هذه المشكلة الحزم في الأيام الأولى من الزواج (وهو رأس الأدوية كلها) وتقليل الاختلاط، والاقتصاد في زيارة الناس ومصاحبتهم، وليس من بأس بعد ذلك أن يخصص الزوج لزوجته مبلغاً من المال لكسوتها يدفعها إليها مشاهرة، ويدعها تفعل فيه ما تشاء، على أن تقنع به، ولا تسأله من بعده درهماً واحداً لكسوة أو ثياب. ولقد جرب هذه الطريقة كثير من الرجال فوجدها صالحة مؤدية إلى الراحة والاطمئنان.
مشاكل أخرى:
إن من طبيعة المرحلة التي تجتازها اليوم أمم هذا الشرق الإسلامي: مرحلة الانتقال، أنه يلتقي فيها عصران، ولكنهما لا يأتلفان فيتحدان، ولا يختلفان فيتباينان، فينشأ عن ذلك هذا الازدواج في الحياة، فيعيش قوم في عصر مضى وقوم في عصر لم يأت، فكيف يلتقي الزوجان وبينهما عصر مديد ... هو يعيش محافظاً، وهي تريد التجرد مما يحافظ عليه، وهو متدين وهي رقيقة الدين! إن كل شيء يحتمل: ضياع المال والتعب والشقاء، ويجد الإنسان عزاءه عنه في انتظار ثواب الله، في الآخرة، يجد عزاءه في الدين، فإذا ضاع الدين فأين يجد العوض منه والعزاء فيه؟
لذلك كان أول ما يجب محلى الزوج أن يفكر فيه، هو أن يختار زوجه من طبقته ورأيه، محافظة أو تجديداً، وإلا كان الزواج شراً كله.